المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَدۡ أَضَلُّواْ كَثِيرٗاۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا ضَلَٰلٗا} (24)

23 - وقالوا لهم : لا تترُكنَّ عبادة آلهتكم ، ولا تترُكُنَّ ودَّا ولا سواعاً ولا يغُوثَ ويعُوقَ ونسرا - وكانت أصناماً منحوتة على صور مختلفة من الحيوان - وقد أضل هؤلاء المتبوعون كثيراً من الناس ، ولا تزد الظالمين لأنفسهم بالكفر والعناد إلا بُعداً عن الحق .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَدۡ أَضَلُّواْ كَثِيرٗاۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا ضَلَٰلٗا} (24)

{ وقد أضلوا كثيراً } أي : ضل بسبب الأصنام كثير من الناس كقوله عز وجل : { رب إنهن أضللن كثيراً من الناس }( إبراهيم- 36 ) ، وقال مقاتل : أضل كبراؤهم كثيراً من الناس ، { ولا تزد الظالمين إلا ضلالاً } هذا دعاء عليهم بعدما أعلم الله نوحاً أنهم لا يؤمنون ، وهو قوله : { أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن }( هود- 36 ) .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَدۡ أَضَلُّواْ كَثِيرٗاۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا ضَلَٰلٗا} (24)

وقوله - تعالى - : { وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً وَلاَ تَزِدِ الظالمين إِلاَّ ضَلاَلاً } معمول لقول مقدر ، وهذا القول المقدر معطوف على أقوال نوح السابقة .

أى : قال نوح مناجيا ربه بعد أن يئس من إيمان قومه : يا رب ، إن قومى قد عصونى ، وإنهم قد اتبعوا رؤساءهم المغرورين ، وإن هؤلاء الرؤساء قد مكروا بى وبأتباعى مكراً عظيما ، ومن مظاهر مكرهم أنهم حرضوا السفهاء على العكوف على عبادة أصنامهم . . وأنهم قد أضلوا خلقا كثيرا بأن حببوهم فى الكفر وكرهوا إليهم الإِيمان .

وقال نوح - أيضا - وأسألك يا رب أن لا تزيد الكافرين إلا ضلالا على ضلالهم ، فأنت الذى أخبرتنى بأنه " لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ " وإذاً فدعاء نوح - عليه السلام - عليهم بالازدياد من الضلال الذى هو ضد الهدى ، وإنما كان بعد أن يئس من إيمانهم ، وبعد أن أخبره ربه أنهم لن يؤمنوا .

قال صاحب الكشاف : قوله : { وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً } الضمير للرؤساء ، ومعناه : وقد أضلوا كثيرا قبل هؤلاء الذين أمروهم بأن يتمسكوا بعبادة الأصنام . . ويجوز أن يكون الضمير للأصنام ، كقوله - تعالى - { إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً } الضمير للرؤساء ، ومعناه : وقد أضلوا كثيرا قبل هؤلاء الذين أمروهم بأن يتمسكوا بعبادة الأصنام . . ويجوز أن يكون الضمير للأصنام ، كقوله - تعالى - { وَلاَ تَزِدِ الظالمين إِلاَّ ضَلاَلاً } ؟ قلت : على قوله { رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي } على حكاية كلام نوح . . ومعناه : قال رب إنهم عصون ، وقال : ولا تزد الظالمين إلا ضلالا .

فإن قلت : كيف جاز أن يريد لهم الضلال ، ويدعو الله بزيادته ؟ قلت : لتصميمهم على الكفر ، ووقوع اليأس من إيمانهم . . ويجوز أن يريد بالضلال : الضياع والهلاك . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَدۡ أَضَلُّواْ كَثِيرٗاۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا ضَلَٰلٗا} (24)

وهكذا تلك القيادات الضالة المضللة تقيم أصناما ، تختلف أسماؤها وأشكالها ، وفق النعرة السائدة في كل جاهلية ؛ وتجمع حواليها الأتباع ، وتهيج في قلوبهم الحمية لهذه الأصنام ، كي توجههم من هذا الخطام إلى حيث تشاء ، وتبقيهم على الضلال الذي يكفل لها الطاعة والانقياد : ( وقد أضلوا كثيرا )ككل قيادة ضالة تجمع الناس حول الأصنام . . أصنام الأحجار . وأصنام الأشخاص . وأصنام الأفكار . . سواء ! ! للصد عن دعوة الله ، وتوجيه القلوب بعيدا عن الدعاة ، بالمكر الكبار ، والكيد والإصرار !

هنا انبعث من قلب النبي الكريم نوح - عليه السلام - ذلك الدعاء على الظالمين الضالين المضلين ، الماكرين الكائدين :

( ولا تزد الظالمين إلا ضلالا ) . .

ذلك الدعاء المنبعث من قلب جاهد طويلا ، وعانى كثيرا ، وانتهى - بعد كل وسيلة - إلى اقتناع بأن لا خير في القلوب الظالمة الباغية العاتية ؛ وعلم أنها لا تستحق الهدى ولا تستأهل النجاة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَدۡ أَضَلُّواْ كَثِيرٗاۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا ضَلَٰلٗا} (24)

وقوله : { وقد أضلوا كثيراً } هو إخبار نوح عنهم وهو منقطع مما حكاه عنهم . والمعنى وقد أضل هؤلاء القائلون كثيراً من الناس الأتباع والعوام ، ثم دعا عليهم إلى الله تعالى بأن لا يزيدهم إلا ضلالاً ، وذكر { الظالمين } لتعم الدعوة الدعوة كل من جرى مجراهم . وقال الحسن في كتاب النقاش : أراد بقوله { وقد أضلوا } ، الأصنام المذكورة وعبر عنها بضمير من يعقل من حيث يعاملها جمهور أهلها معاملة من يعقل ، ويسند إليها أفعال العقل .