المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

8 - وأما مَن بخل بماله فلم يؤد حق الله فيه ، واستغنى به عما عند الله ، وكذب بالخصلة الحسنى ، فسنهيئه للخصلة التي تؤدي إلى العسر والشقاء الأبدي .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

{ وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى } سنهيئه للشر بأن نجريه على يديه حتى يعمل بما لا يرضي الله ، فيستوجب به النار . قال مقاتل : نعسر عليه أن يأتي خيراً . وروينا عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من نفس منفوسة إلا كتب الله مكانها من الجنة أو النار ، فقال رجل : أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل ؟ قال : لا ولكن اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل الشقاء فييسرون لعمل أهل الشقاء ، وأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ، ثم تلا : { فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى } " قيل : نزلت في أبي بكر الصديق اشترى بلالاً من أمية ابن خلف ببردة وعشرة أوراق ، فأعتقه فأنزل الله تعالى : { والليل إذا يغشى } إلى قوله : { إن سعيكم لشتى } أي : سعي أبي بكر وأمية . وروى علي بن حجر عن إسحاق عن أبي نجيح عن عطاء ، قال : " كان لرجل من الأنصار نخلة وكان له جار يسقط من بلحها في داره ، وكان صبيانه يتناولون منه ، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : بعنيها بنخلة في الجنة فأبى ، فخرج فلقيه أبو الدحداح ، فقال له : هل لك أن تبيعها بحش ، يعني حائطاً له ، فقال له : هي لك ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أتشتريها مني بنخلة في الجنة ؟ قال : نعم قال : هي لك ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم جار الأنصاري فقال : خذها . فأنزل الله تعالى : { والليل إذا يغشى } إلى قوله : { إن سعيكم لشتى } أبو الدحداح والأنصاري صاحب النخلة " . { فأما من أعطى واتقى } أبو الدحداح ، { وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى } يعني الجنة ، { وأما من بخل واستغنى } أي الأنصاري ، { وكذب بالحسنى } يعني الثواب ، { فسنيسره للعسرى }يعني النار .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

{ فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى } أى : فسنهيئه للخصلة التى توصله إلى العسر والمشقة والشدة ، بأن نجعله بسبب سوء اختياره ، يؤثر الغى على الرشد ، والباطل على الحق ، والبخل على السخاء ، فتكون عاقبته فرطا ، ونهايته الخسران والبوار .

والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة يراها ، وقد وصفت المؤمنين الصادقين بثلاث صفات هى جماع كل خير ، وأساس جميع الفضائل : وصفهم بالسخاء ، وبالخوف من الله - تعالى - ، وبالتصديق بكل ما يجب التصديق به ، ورتب على ذلك توفيقهم للخصلة الحسنى . . التى تنتهى بهم إلى الفوز والسعادة .

ووصف - أيضا - أهل الفسوق والفجور بثلاث صفات ، هى أساس البلاء ، ومنبع الفساد ، ألا وهى : البخل ، والغرور ، والتكذيب بكل ما يجب الإِيمان به . . ورتب - سبحانه - على ذلك تهيئتهم للخصلة العسرى ، التى توصلهم إلى سوء المصير ، وشديد العقاب . .

وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات ، جملة من الأحاديث الشريفة ، فقال ما ملخصه : قوله : { وَكَذَّبَ بالحسنى } أى : بالجزاء فى الدار الآخرة { فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى } أى : لطريق الشر ، كما قال - تعالى - : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } والآيات فى هذا المعنى كثيرة ، ودالة على أن الله يجازى من قصد الخير بالتوفيق له ، ومن قصد الشر بالخذلان ، وكل ذلك بقدر مقدر ، والأحاديث الدالة على هذا المعنى كثيرة .

منها : ما أخرجه البخارى عن على بن أبى طالب - رضى الله عنه - قال :

" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بقيع الغرقد فى جنازة ، فقال : " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعدة من الجنة ، ومقعدة من النار " فقالوا : يا رسول الله أفلا نتكل ؟ فقال : " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " ثم قرأ : { فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى . . . } إلى قوله : { للعسرى } " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

ويستحق أن يعسر الله عليه كل شيء ، فييسره للعسرى ! ويوفقه إلى كل وعورة ! ويحرمه كل تيسير ! ويجعل في كل خطوة من خطاه مشقة وحرجا ، ينحرف به عن طريق الرشاد . ويصعد به في طريق الشقاوة . وإن حسب أنه سائر في طريق الفلاح . وإنما هو يعثر فيتقي العثار بعثرة أخرى تبعده عن طريق الله ، وتنأى به عن رضاه . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (10)

وقوله تعالى : { فسنيسره لليسرى } ومعناه : سيظهر تيسيرنا إياه يتدرج فيه من أعمال الخير وختم بتيسير قد كان في علم الله أولاً ، و «اليسرى » الحال الحسنة المرضية في الدنيا والآخرة . و «العسرى » : الحال السيئة في الدنيا والآخرة .