المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (250)

250- ولما تقدم المؤمنون لقتال جالوت وجيشه اتجهوا إلى الله ضارعين داعين له : أن يملأهم بالصبر ، ويقوي عزائمهم ويثبتهم في ميدان القتال ، وأن ينصرهم على أعدائهم الكافرين .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (250)

قوله تعالى : { ولما برزوا } . يعني طالوت ، وجنوده يعني المؤمنين .

قوله تعالى : { لجالوت وجنوده } . المشركين ، ومعنى برزوا صاروا بالبراز من الأرض وهو ما ظهر واستوى منها .

قوله تعالى : { قالوا ربنا أفرغ علينا } . أنزل واصبب .

قوله تعالى : { صبراً وثبت أقدامنا } . قو قلوبنا .

قوله تعالى : { وانصرنا على القوم الكافرين } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (250)

ثم حكى القرآن بعد ذلك ما قاله المؤمنون الصادقون عندما برزوا للقاء أعدائهم فقال :

{ وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ . . . }

وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ( 250 ) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ( 251 ) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 252 )

قوله : { بَرَزُواْ } أي صاروا إلى إبراز الأرض وهو ما انكشف منها بحيث يصير كل فريق من المتقاتلين يرى صاحبه ، ومنه سميت المبارزة في الحرب لظهور كل قرن إلى قرنه . أي : وحين برز طالوت ومن معه لقتال جالوت وجنوده ، وأصبح الفريقان في مكان متسع من الأرض بحيث يرى كل فريق خصمه اتجه المؤمنون إلى الله - تعالى - بالدعاء قائلين بإخلاص وخشوع :

{ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } أي : أفض علينا صبرا يعمنا ، ويملأ قلوبنا ثقة بنصرك ، ويحبس نفوسنا على طاعتك .

قال الإِمام الرازي ما ملخصه ، الإِفراغ : الصب . يقال أفرغت الإِناء إذا صببت ما فيه .

وقولهم هذا يدل على المبالغة في طلب الصبر من وجهين :

أحدهما : أنه إذا صب الشيء في الشيء فقد أثبت فيه بحيث لا يزول عنه وهذا يدل على التأكيد .

والثاني : " أن افراغ الإِناء هو إخلاؤه وذلك يكون بصب كل ما فيه ، فمعنى أفرغ علينا صبرا ، أي أصبب علينا أتم صب وأبلغه - حتى تتحقق فينا صفة الصبر كأحسن ما يكون التحقق " .

أما الدعوة الثانية فقد قالوا فيها - كما حكى القرآن عنها - { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } أي هب لنا من كمال القوة والرسوخ عند القتال ما يجعلنا نثبت أمام أعدائنا ، ونتمكن من رقابهم دون أن يتمكنوا منا . فهذا الدعاء كناية عن أن يمنحهم - سبحانه - الثبات عند الزحف ، وعدم الفرار عند القتال .

وفي قوله : { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } تعبير بالجزء عن الكل ، لأن الأقدام هي التي يكون بها الفرار ، فتثبيتها إبعاد عن الفرار ، ومتى حصل الثبات كان النصر متوقعاً ، والصبر متحققاً .

ثم ختموا دعاءهم بأن قالوا : { وانصرنا عَلَى القوم الكافرين } أي اجعل الغلبة لنا عليهم ، لأننا مؤمنون بأنك المعبود المستحق للعبادة وهم يكفرون بذلك .

والمتأمل في هذه الدعوات الثلاث يراها قد جمعت أسمى ألوان الأدب وحسن الترتيب ، فهم قد صدروا دعاءهم بالتوسل بوصف الربوبية فقالوا { رَبَّنَآ } أي يا خالقنا ويا منشئنا ويا مربينا ويا مميتنا ، وفي ذلك إشعار أنهم يلجأون إلى من بيده وحده النفع والضر ، والنصر والهزيمة . ثم افتتحوا دعاءهم بطلب الصبر عند المخاوف لأنه هو عدة القتال الأولى ، وركنه الأعلى ، إذ به يكون ضبط النفس فلا تفزع ، وبه يسكن القلب فلا يجزع . ثم التمسوا منه - سبحانه - أن يثبت أقدامهم عند اللقاء لأن هذا الثبات هو مظهر الصبر ، ووسيلة النصر ، وعنوان القوة . ثم ختموا دعاءهم بما هو ثمرة ونتيجة للصبر والثبات وهو النصر على الأعداء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (250)

243

ونمضي مع القصة . فإذا الفئة القليلة الواثقة بلقاء الله ، التي تستمد صبرها كله من اليقين بهذا اللقاء ، وتستمد قوتها كلها من إذن الله ، وتستمد يقينها كله من الثقة في الله ، وأنه مع الصابرين . . إذا هذه الفئة القليلة الواثقة الصابرة ، الثابتة ، التي لم تزلزلها كثرة العدو وقوته ، مع ضعفها وقلتها . . إذا هذه الفئة هي التي تقرر مصير المعركة . بعد أن تجدد عهدها مع الله ، وتتجه بقلوبها إليه ، وتطلب النصر منه وحده ، وهي تواجه الهول الرعيب :

( ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا : ربنا أفرغ علينا صبرا ، وثبت أقدامنا ، وانصرنا على القوم الكافرين . فهزموهم بإذن الله ، وقتل داود جالوت ، وآتاه الله الملك والحكمة ، وعلمه مما يشاء ) . .

هكذا . ( ربنا أفرغ علينا صبرا ) . . وهو تعبير يصور مشهد الصبر فيضا من الله يفرغه عليهم فيغمرهم ، وينسكب عليهم سكينة وطمأنينة واحتمالا للهول والمشقة . ( وثبت أقدامنا . ) فهي في يده - سبحانه - يثبتها فلا تتزحزح ولا تتزلزل ولا تميد . ( وانصرنا على القوم الكافرين ) . . فقد وضح الموقف . . إيمان تجاه كفر . وحق إزاء باطل . ودعوة إلى الله لينصر أولياءه المؤمنين على أعدائه الكافرين . فلا تلجلج في الضمير ، ولا غبش في التصور ، ولا شك في سلامة القصد ووضوح الطريق .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (250)

{ ولما برزوا لجالوت وجنوده } أي ظهروا لهم ودنوا منهم . { قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين } التجؤوا إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء ، وفيه ترتيب بليغ إذ سألوا أولا إفراغ الصبر في قلوبهم الذي هو ملاك الأمر ، ثم ثبات القدم في مداحض الحرب المسبب عنه ، ثم النصر على العدو المترتب عليهما غالبا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (250)

{ وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَءَاتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ } .

{ برزوا } معناه : صاروا في البراز وهو الأفيح من الأرض المتسع ، و «جالوت » اسم أعجمي معرب ، والإفراغ أعظم الصب ، كأنه يتضمن عموم المفرغ عليه .