البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (250)

برز : يبرز بروزاً ، ظهر ، وامرأة برزة أخذ منها السن ، فلم تستر وجهها ، ومن ذلك البراز والمتبرّز .

أفرغ : صب وفرغ من كذا ، خلا منه .

ثبت : استقر ورسخ ، وثبته أقّره ومكنه بحيث لا يتزحزح .

القدم : الرجل وهي مؤنثة تقول في تصغيرها : قديمة ، والاشتقاق في هذه الكلمة يرجع لمعنى التقدم .

{ ولما برزوا لجالوت وجنوده } صاروا بالبراز من الأرض ، وهو ما ظهر واستوى ، والمبارزة في الحرب أن يظهر كل قرن لصاحبه بحيث يراه قرنه ، وكان جنود طالوت ثلاثمائة ألف فارس ، وقيل : مائة ألف ، وقال عكرمة : تسعين ألفاً .

{ قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا } الصبر : هنا حبس النفس للقتال ، فزعوا إلى الدعاء لله تعالى فنادوا بلفظ الرب الدال على الإصلاح وعلى الملك ، ففي ذلك إشعار بالعبودية .

وقولهم : أفرغ علينا صبراً سؤال بأن يصب عليهم الصبر حتى يكون مستعلياً عليهم ، ويكون لهم كالظرف وهم كالمظروفين فيه .

{ وثبت أقدامنا } فلا تزل عن مداحض القتال ، وهو كناية عن تشجيع قلوبهم وتقويتها ، ولما سألوا ما يكون مستعلياً عليهم من الصبر سألوا تثبيت أقدامهم وإرساخها .

{ وانصرنا على القوم الكافرين } أي : أعنا عليهم ، وجاؤا بالوصف المقتضي لخذلان أعدائهم ، وهو الكفر ، وكانوا يعبدون الأصنام ، وفي قولهم : ربنا ، إقرار لله تعالى بالوحدانية ، وقرار له بالعبودية .

/خ252