فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (250)

ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين 250 فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين 251

( ولما برزوا لجالوت وجنوده ) أي صاروا في البراز وهو المتسع من الأرض وما انكشف منها واستوى ، ومنه سميت المبارزة في الحرب لظهور كل قرن إلى صاحبه .

والمعنى ظهروا لقتالهم وتصافحوا ، والبراز بالفتح والكسر لغة قليلة : الفضاء الواسع الخالي من الشجر ، وجالوت أمير العمالقة وكان جبارا من أولاد عمليق بن عاد ( قالوا ) أي جميع من معه من المؤمنين ( ربنا أفرغ ) أي أصبب ( علينا صبرا ) الإفراغ يفيد معنى الكثرة ( وثبت أقدامنا ) عبارة عن كمال القوة والرسخ وعدم الفشل والتزلزل عند المقاومة ، يقال ثبت قدم فلان على كذا إذا استقر له ولم يزل عنه وثبت قدمه في الحرب إذا كان الغلب له والنصر معه ، وليس المراد تقررها في مكان واحد ( وانصرنا على القوم الكافرين ) هم جالوت وجنوده ، ووضع الظاهر موضع المضمر إظهارا لما هو العلة الموجبة للنصرة عليهم وهي كفرهم ، وذكر بعد سؤال تثبيت الأقدام لكون الثاني هو غاية الأول .