غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (250)

246

قوله سبحانه { ولما برزوا لجالوت وجنوده } الآية البراز الأرض الفضاء ومنه البروز والمبارزة في الحرب كأن كل واحد منهما حصل بحيث يرى صاحبه . واعلم أن العلماء والأقوياء من عسكر طالوت لما قرروا مع ضعفائهم وعوامهم أن الغلبة لا تتعلق بكثرة العدد وأن النصر والظفر بإعانة الله اشتغلوا بالدعاء و{ قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً } وهكذا كان يفعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما روي في قصة بدر أنه كان يصلي ويستنجز من الله وعده ، وكان متى لقي عدواً قال : " اللهم إني أعوذ بك من شرورهم وأجعلك في نحورهم ، اللهم بك أصول وبك أجول " . والإفراغ إخلاء الإناء مما فيه ، وإنما يخلو بصب كل ما فيه فيفيد المبالغة . أي صب علينا أتم صبر وأبلغه وهذا هو الركن الأعظم في المحاربة ، فإنه إن كان جباناً لم يجد بطائل . ثم إن الشجاع مع ذلك يحتاج إلى الآلات والعدد والاتفاقات الحسنة حتى يمكنه أن يقف ويثبت ولا يصير ملجأ إلى الفرار ، فاقترحوها بقولهم { وثبّت أقدامنا } ثم إنه مع كل هذه الأشياء يفتقر إلى أن تزيد قوته على قوة عدوه حتى يغلبهم وهو المراد بقولهم { وانصرنا على القوم الكافرين } فلا جرم استجاب الله دعاءهم .

/خ251