فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (250)

{ برزوا } وقفوا على أرض مستوية .

{ أفرغ } صب . { ثبت أقدامنا } لا تزلزلنا كيلا نتزحزح عن طريق الحق .

{ ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين } وحين تلاقى الجمع المؤمن والجنود العادون على متسع من الأرض ومنفسح في ساحة الوغى وتهيأ المؤمنون للحملة على الكافرين وقتالهم فزعوا إلى ربنا القوي القدير الولي النصير يسألونه فيضا من الصبر حين البأس وأن يهبهم كمال القوة حتى لا يتزلزلوا وأن يعينهم على قهر عدوه وعدوهم ، وإنه لهدى الكتاب الحكيم أن نتضرع حين البأس ، يقول مولانا تبارك وتعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون }{[768]} ويقول تقدست أسماؤه { وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا والآخرة . . }{[769]}- هكذا يجب علينا نحن أن نفعل لكن الأعمال القبيحة والنيات الفاسدة منعت من ذلك حتى ينكسر العدد الكبير منا قدام اليسير من العدد وذلك بما كسبت أيدينا ، وفي البخاري : وقال أبو الدرداء إنما تقاتلون بأعمالكم وفيه مسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( هل ترزقون وتنصرون إلا بضعافكم ) فالأعمال فاسدة والضعفاء مهملون والصبر قليل والاعتماد ضعيف والتقوى زائلة قال الله تعالى { . . . اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله }{[770]} وقال { . . وعلى الله فتوكلوا . . }{[771]} وقال { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون }{[772]} وقال{ . . ولينصرن الله من ينصره . . }{[773]} ، فهذه أسباب النصر وشروطه وهي معدومة{[774]} عندنا غير موجودة فينا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما أصابنا وحل بنا .


[768]:من سورة الأنفال الآية 45.
[769]:من سورة آل عمران الآيتان 146-147 ومن الآية 148.
[770]:من سورة آل عمران من الآية 200
[771]:من سورة المائدة من الآية 23.
[772]:من سورة النحل الآية 128.
[773]:من سورة الحج من الآية 40.
[774]:لعله يرحمه الله عاين ما أصاب المسلمين في الأندلس فردوس الإسلام المفقود فقال ما قال لكن الخير في الأمة المؤمنة إلى يوم القيامة وقد صح الحديث عن سيدنا محمد خاتم النبيين عليه الصلوات والتسليم أنه لا تزال طائفة من الأمة قائمة بالحق ظاهرة على أمر الله لا يضرهم من خذلهم.