قال - تعالى - : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وكفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً } قال الآلوسى وقوله : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ . . . } أى تصرف وتسلط ، والمراد بالعباد ؛ المشار إليهم بالمخلصين ، فالإِضافة للعهد والاستثناء على هذا في قوله { إِلاَّ مَنِ اتبعك مِنَ الغاوين } منقطع .
واختار هذا غير واحد . . . وجوز أن يكون بالعباد العموم والاستثناء متصل ، والكلام كالتقرير لقوله إلا عبادك منهم المخلصين ، ولذا لم يعطف على ما قبله ، وتغيير الوضع لتعظيم المخلصين ، بجعلهم هم الباقين بعد الاستثناء . . . .
وقوله : إنّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إلاّ مَنِ اتّبَعَكَ مِنَ الغاوِينَ يقول تعالى ذكره : إن عبادي ليس لك عليهم حجة ، إلا من اتبعك على ما دعوته إليه من الضلالة ممن غوى وهلك .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن عبيد الله بن موهب ، قال حدثنا يزيد بن قسيط ، قال : كانت الأنبياء لهم مساجد خارجة من قُراهم ، فإذا أراد النبيّ أن يستنبىء ربه عن شيء خرج إلى مسجده ، فصلى ما كتب الله له ثم سأل ما بدا له . فبينما نبيّ في مسجده ، إذا جاء عدوّ الله حتى جلس بينه وبين القبلة ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «أعُوذُ بالله مِنَ الشّيْطانِ الرّجِيمِ » فقال عدوّ الله : أرأيت الذي تعوّذ منه فهو هو فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «أعُوذُ باللّهِ مِنَ الشّيْطانِ الرّجِيمِ » فردّد ذلك ثلاث مرّات . فقال عدوّ الله : أخبرني بأيّ شيء تنجو مني ؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «بَل أخْبِرْنِي بأيّ شَيْءٍ تَغْلِبُ ابْنَ آدَمَ ؟ » مرّتين . فأخذ كلّ واحد منهما على صاحبه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنّ اللّهَ تَعَالى ذِكْرُهُ يَقُولُ إنّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إلاّ مِنَ اتّبَعَكَ مِنَ الغاوِينَ قال عدوّ الله : قد سمعت هذا قبل أن تولد . قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «يقول اللّهُ تَعالى ذِكْرُهُ : وإمّا يَنْزَغَنّكَ مِنَ الشّيْطانِ نَزْغٌ فاسْتَعِذْ باللّهِ إنّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وإنّي واللّهِ ما أحْسَسْتُ بِكَ قَطّ إلاّ اسْتَعَذْتُ باللّهِ مِنْكَ » . فقال عدوّ الله : صدقت بهذا تنجو مني فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «فأخْبِرْنِي بأيّ شَيْءٍ تَغْلُبُ ابْنَ آدَمَ ؟ » قال : آخذه عند الغضب ، وعند الهوى .
{ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتّبعك من الغاوين } تصديق لإبليس فيما استثناه وتغيير الوضع لتعظيم { المخلصين } ، ولأن المقصود بيان عصمتهم وانقطاع مخالب الشيطان عنهم ، أو تكذيب له فيما أوهم أن له سلطانا على من ليس بمخلص من عباده ، فإن منتهى تزيينه التحريض والتدليس كما قال : { وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } وعلى هذا يكون الاستثناء منقطعا ، وعلى الأول يدفع قول من شرط أن يكون المستثني أقل من الباقي لإفضائه إلى تناقض الاستثناءين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.