تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ} (42)

المفردات :

السلطان : التسلط والتصرف بالإغواء .

التفسير :

{ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين } .

أي : ليس لك يا إبليس تصرف أو تسلط على عبادي المخلصين ؛ فهم في حصن من إيمانهم ، وإخلاصهم لربهم ، وهم في يقين وقوة تحفظهم من وسوستك ، لكن من اتبعك واختار طريقك ؛ صار أهلا لغوايتك .

ونلاحظ أن هذه سنة إلهية ، وقاعدة ربانية محكمة ، التزم بها الخالق سبحانه ، وهي : حفظ المتقين ، ورعاية المخلصين ، وتوفيق المؤمنين ، فشيطانهم ضعيف هزيل ، عاجز عن استمالتهم ؛ بسبب قوة إيمانهم ، أما ضعاف الإيمان ، وعبيد الشهوات ، ومرضى القلوب ، فهؤلاء أسرى للشيطان ، وفي هذا المعنى يقول الحق سبحانه : { إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون *إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون } . ( النحل : 99 ، 100 ) .

ونحو الآية قوله تعالى حكاية عن إبليس : { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } . ( إبراهيم : 22 ) .

لقد خلق الله الإنسان ، وزوده بالإرادة والعزيمة ، ويسر له طريق الخير ، وأرشده إلى الاستعانة بالله ، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، فمن لجأ إلى الله ، واحتمى بحصنه ؛ فذلك هو المؤمن المخلص ، ومن ضعف عن الحق ؛ سقط في طريق الرذيلة ، وصار من أتباع الشيطان وقد علمنا القرآن أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال تعالى : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } . ( النحل : 98 ) .

أي : اطلب من الله أن يعيذك منه ، وأن يحفظك من وسوسته وإغوائه ، وفي آخر سورة من القرآن الكريم ، نجد قوله تعالى : { قل أعوذ برب الناس*ملك الناس* إله الناس*من شر الوسواس الخناس*الذي يوسوس في صدور الناس*من الجنة والناس } . ( الناس : 1 6 ) .