الأولى : قوله تعالى : " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " قال العلماء : يعني على قلوبهم . وقال ابن عيينة : أي في أن يلقيهم في ذنب يمنعهم عفوي ويضيقه عليهم . وهؤلاء الذين هداهم الله واجتباهم واختارهم واصطفاهم . قلت : لعل قائلا يقول : قد أخبر الله عن صفة آدم وحواء عليهما السلام بقوله : " فأزلهما الشيطان{[9674]} " [ البقرة : 36 ] ، وعن جملة من أصحاب نبيه بقوله : " إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا{[9675]} " [ آل عمران : 155 ] فالجواب ما ذكر ، وهو أنه ليس له سلطان على قلوبهم ، ولا موضع إيمانهم ، ولا يلقيهم في ذنب يؤول إلى عدم القبول{[9676]} ، بل تزيله التوبة وتمحوه الأوبة . ولم يكن خروج آدم عقوبة لما تناول ، على ما تقدم في " البقرة " {[9677]} بيانه . وأما أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى القول عنهم في آل عمران{[9678]} . ثم إن قوله سبحانه : " ليس لك عليهم سلطان " يحتمل أن يكون خاصا فيمن حفظه الله ، ويحتمل أن يكون في أكثر الأوقات والأحوال ، وقد يكون في تسلطه تفريج كربة وإزالة غمة ، كما فعل ببلال ، إذ أتاه يهديه كما يهدي الصبي حتى نام ، ونام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلم يستيقظوا حتى طلعت الشمس ، وفزعوا وقالوا : ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا ؟ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس في النوم تفريط ) ففرج عنهم . " إلا من اتبعك من الغاوين " أي الضالين المشركين . أي سلطانه على هؤلاء ، دليله " إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون{[9679]} " [ النحل : 100 ] .
الثانية : وهذه الآية والتي قبلها دليل على جواز استثناء القليل من الكثير والكثير من القليل ، مثل أن يقول : عشرة إلا درهما . أو يقول : عشرة إلا تسعة . وقال أحمد بن حنبل : لا يجوز أن يستثنى إلا قدر النصف فما دونه . وأما استثناء الأكثر من الجملة فلا يصح . ودليلنا هذه الآية ، فإن فيها استثناء " الغاوين " من العباد والعباد من الغاوين ، وذلك يدل على أن استثناء الأقل من الجملة واستثناء الأكثر من الجملة جائز .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.