المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (9)

9- قل - أيها الرسول - لهؤلاء المشركين : عجباً لكم ، تكفرون بالله الذي خلق الأرض في يومين ، وأنتم - مع هذا - تجعلون له شركاء متساوين معه ، ذلك الخالق للأرض مالك العوالم كلها ومربيهم{[200]} .


[200]:ذكر اليوم والأيام في سور أخرى، ففي سورة الحج الآية (47) قال تعالى: {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} وفي سورة السجدة الآية (5) قال تعالى: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون} وفي سورة المعارج الآية (4) قال تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة}. التعليق العلمي: وحدات الزمن التي يستخدمها الناس مرتبطة بالأرض ودورانها حول محورها وحول الشمس. فإذا ما غادر أحد الأرض إلى جرم سماوي اختلفت هذه الوحدات طولا وقصرا. والآيات الكريمة تشير إلى هذه الحقيقة العلمية وإلى أن الزمن نسبي. ولا شك في أن هناك سنوات فلكية نسبية يمكن التفرقة بينها، فالسنة الشمسية على الأرض تحسب بمقدار الزمن الذي تقطع فيه الأرض دورة كاملة حول الشمس في نحو 365 يوما شمسية، على حين أن السيارات القريبة من الشمس مثل عطارد يقطع دورته حول الشمس في 88 يوما، وعلى حين أن بلوتو وهو أبعد الكواكب السيارة في الشمس وأبطؤها يتم دورته حولها في 250 سنة من سنواتنا.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (9)

قوله تعالى : { قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين } يوم الأحد والاثنين . { وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (9)

ثم أمر الله - تعالى - صلى الله عليه وسلم - أن يوبخ هؤلاء المشركين على إصرارهم على كفرهم ، مع أن مظاهر قدرة الله - تعالى - الماثلة أمام أعينهم تدعوهم إلى الإِيمان ، فقال - تعالى - :

{ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذي خَلَقَ . . . } .

قال الإِمام الرازى ما ملخصه : اعلم أنه - تعالى - لما أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس : { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يوحى إِلَيَّ . . . } أردفه بما يدل على أنه لا يجوز إثبات الشركة بينه - تعالى - وبين هذه الأصنام فى الإِلهية والمعبودية ، وذلك بأن بين كمال قدرته وحكمته فى خلق السموت والأرض فى مدة قليلة . . والاستفهام فى قوله { أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ . . . } بمعنى الإِنكار ، وهو لإِنكار شيئين : الكفر بالله . . وجعل الأنداد له .

والمعنى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء المشركين على سبيل الإِنكار لأفعالهم : أئنكم لتكفرون بالله - تعالى - الذى خلق الأرض فى يومين .

قال الآلوسى : وإن واللام فى قوله { أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ } لتأكيد الإِنكار . . وعلق - سبحانه - كفرهم بالاسم الموصول لتفخيم شأنه - تعالى - واستعظام كفرهم به .

واليوم فى المشهور عبارة عن زمان كون الشمس فوق الأفق ، وأريد منه ها هنا الوقت مطلقا ، لأنه لا يتصور ذلك قبل خلق السماء والكواكب والأرض نفسها ، ثم إن ذلك الوقت يحتمل أن يكون بمقدار اليوم المعروف ، ويحتمل أن يكون أقل منه أو أكثر ، والأقل أنسب بالمقام .

قال سعيد بن جبير - رضى الله عنه - إن الله - تعالى - قادر على أن يخلق هذا الكون كله فى لحظة ، ولكنه خلق السموات والأرض فى ستة أيام ، ليعلم خلقه التثبت والتأنى فى الأمور .

وقوله : { وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً } معطوف على قوله { تكفرون } وداخل معه فى حكم الإِنكار .

والأنداد : جمع ند وهو مثل الشئ يضاده وينافره ويتباعد عنه . وأصله من ند البعير إذا نفر وذهب على وجهه شاردا .

أى : وتجعلون له امثالا ونظراء تعبدونها من دونه ، وتسمونها - زورا وكذبا - آلهة ، وجمع - سبحانه - الأنداد باعتبار واقعهم ، لأنهم كانوا يعبدون آلهة شتى ، فمنهم من عبد الأصنام ، ومنهم من عبد الملائكة ، ومنهم من عبد الكواكب .

واسم الإِشارة فى قوله { ذَلِكَ رَبُّ العالمين } يعود إلى الموصول باعتبار اتصافه بما فى حيز الصلة .

أى : ذلك الموصوف بتلك القدرة الباهرة ، رب العالمين جميعا ، وخالق جميع المخلوقات ، والمتولى لتربيتها دون سواه .