فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (9)

ثم أمر سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم ، أن يوبخهم ويقرعهم فقال : { قُلْ أَئِنَّكُمْ } قرأ الجمهور بهمزتين الثانية بين بين ، وقرئ بهمزة بعدها ياء خفيفة ، وإن واللام إما لتأكيد الإنكار ، وقدرت الهمزة لاقتضائها الصدارة وإما للإشعار بأن كفرهم من البعد بحيث ينكر العقلاء وقوعه فيحتاج إلى التأكيد .

{ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } والمعنى لتكفرون بمن شأنه هذا الشأن العظيم وقدرته هذه القدرة الباهرة ، قيل : اليومان هما يوم الأحد ويوم الاثنين ، وقيل : خلقهن في نوبتين كل نوبة أسرع مما يكون في يوم ، وقيل : المراد مقدار يومين لأن اليوم الحقيقي إنما يتحقق بعد وجود الأرض والسماء ذكرهما تعليما للأناة ، ولو أراد أن يخلقهما في لحظة لفعل .

{ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا } أي أضداد وشركاء والجملة معطوفة على تكفرون داخلة تحت الاستفهام ، ذكر عنهم شيئين منكرين ، أحدهما الكفر بالله ، والثاني إثبات الشركاء له { ذَلِكَ } المتصف بما ذكر { رَبُّ الْعَالَمِينَ } جمع عالم ، وهو ما سوى الله وجمع لاختلاف أنواعه بالياء والنون تغليبا للعقلاء من جملة العالمين ما تجعلونها أندادا لله ، فكيف تجعلون بعض مخلوقاته شركاء له في عبادته ؟