إن المصدقين والمصدقات إن المتصدقين والمتصدقات وقد قرئ بهما وقرأ ابن كثير وأبو بكر بتخفيف الصاد أي الذين صدقوا الله ورسوله وأقرضوا الله قرضا حسنا عطف على معنى الفعل في المحل باللام لأن معناه الذين أصدقوا أو صدقوا وهو على الأول للدلالة على أن المعتبر هو التصدق المقرون بالإخلاص يضاعف لهم ولهم أجر كريم معناه والقراءة في يضاعف كما مر غير أنه لم يجزم لأنه خبر إن وهو مسند إلى لهم أو إلى ضمير المصدر .
قرأ جمهور القراء : «إن المصَّدقين » بشد الصاد المفتوحة على معنى المتصدقين ، وفي مصحف أبيّ بن كعب : «إن المتصدقين » ، فهذا يؤيد هذه القراءة ، وأيضاً فيجيء قوله تعالى : { وأقرضوا الله قرضاً حسناً } ملائماً في الكلام للصدقة . وقرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم «إن المصَدقين » بتخفيف الصاد على معنى : إن الذين صدقوا رسول الله فيما بلغ عن الله وآمنوا به ، ويؤيد هذه القراءة أنها أكثر تناولاً ، لأن كثيراً ممن لا يتصدق يعمه اللفظ في التصديق . ثم إن تقييدهم بقوله : { وأقرضوا } يرد مقصد القراءتين قريباً بعضه من بعض .
وقوله : { أقرضوا } معطوف على المعنى ، لأن معنى قوله : { إن المصدقين والمصدقات } إن الذين تصدقوا ، ولا يصح هنا عطف لفظي ، قاله أبو علي في الحجة . وقد تقدم معنى القرض ، ومعنى المضاعفة التي وعد الله بها هذه الأمة . وقد تقدم معنى وصف الأجر بالكريم ، كل ذلك في هذه السورة .
قال القاضي أبو محمد : ويؤيد عندي قراءة من قرأ : «إن المصّدقين » بشد الصاد . إن الله تعالى حض في هذه الآية على الإنفاق وفي سبيل الله تعالى .
يشبه أن تكون هذه الآية من المدني وأن تكون متصلة المعنى بقوله تعالى : { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم } [ الحديد : 11 ] وأن آية { ألم يأن للذين آمنوا } [ الحديد : 16 ] وما بعدها معترض . وقد تخلل المكي والمدني كل مع الآخر في هذه السورة ألاَ ترى أن ألفاظ الآيتين متماثلة إذ أريد أن يعاد ما سبق من التحريض على الإِنفاق فيُؤتى به في صورة الصلة التي عُرف بها الممتثلون لذلك التحريض .
وعطف { والمصدقات } كما تقدم في قوله : { يوم ترى المؤمنين والمؤمنات } [ الحديد : 12 ] ، ولأن الشُحَّ يكثر في النساء كما دلت عليه أشعار العرب .
وقرأ الجمهور { والمصّدقين } بتشديد الصاد على أن أصله المتصدقين فأدغمت التاء في الصاد بعد قَلْبِهَا صاداً لقرب مخرجيهما تطلباً لخفة الإِدغام ، فقوله : { واقرضوا الله قرضاً حسناً } من عطف المرادف في المعنى لما في المعطوف من تشبيه فِعلهم بقرض لله تنويهاً بالصدقات .
وقرأه ابن كثير وأبو بكر عن عاصم بتخفيف الصاد على أنه من التصديق ، أي الذين صدَّقوا الرسول صلى الله عليه وسلم أي آمنوا وامتثلوا أمره فأقرضوا الله قرضاً حسناً .
وقرأ الجمهور { يضاعف لهم } بألف بعد الضاد . وقرأه ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب { يضعّف } بدون ألف وبتشديد العين .
وعطف { واقرضوا } وهو جملة على { المصدقين } وهو مفرد لأن المفرد في حكم الفعل حيث كانت اللام في معنى الموصول فقوة الكلام : إن الذين اصَّدَّقوا واللائي تصدقْنَ وأقرضوا ، على التغليب ولا فَصْلَ بأجنبي على أن الفصل لا يمنع إذا لم يفسد المعنى .
ووجه العدول عن تماثل الصلتين فلم يقل : إن المصدقين والمقرضين ، هو تصوير معنى كون التصدق إقراضاً لله .
وتقدم معنى { يضاعف لهم ولهم أجر كريم } في قوله : { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له } [ الحديد : 11 ] الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.