109- وإذا كان أمر الأمم المشركة الظالمة في الدنيا ثم في الآخرة ، هو ما قصصنا عليك - أيها النبي - فلا يكن عندك أدنى شك في مصير عبّاد الأوثان من قومك ، إن استمروا على ضلالهم ، لأنهم كالسابقين من آبائهم ، الذين قصصنا عليك قصصهم من قبل ، كلهم مشركون ، وإنا لموفّون هؤلاء الكفرة استحقاقهم من العذاب كاملا على قدر جرائمهم ، لا يُنقَصون منه شيئاً .
{ فلا تك في مرية } شك بعد ما أنزل عليك من مآل أمر الناس . { مما يعبد هؤلاء } من عبادة هؤلاء المشركين في أنها ضلال مؤد إلى مثل ما حل بمن قبلهم ممن قصصت عليك سوء عاقبة عبادتهم ، أو من حال ما يعبدونه في أنه ما يضر ولا ينفع . { ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل } استئناف معناه تعليل عن النهي عن المرية أي هم وآباؤهم سواء في الشرك ، أي ما يعبدون عبادة إلا كعبادة آبائهم أو ما يعبدون شيئا إلا مثل ما عبدوه من الأوثان ، وقد بلغك ما لحق آباءهم من ذلك فسيلحقهم مثله ، لأن التماثل في الأسباب يقتضي التماثل في المسببات ، ومعنى { كما يعبد } كما كان يعبد فحذف للدلالة من قبل عليه . { وإنا لموفّوهم نصيبهم } حظهم من العذاب كآبائهم ، أو من الرزق فيكون عذرا لتأخير العذاب عنهم مع قيام ما يوجبه . { غير منقوص } حال من النصيب لتقييد التوفية فإنك تقول : وفيته حقه وتريد به وفاء بعضه ولو مجازا .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{فلا تك} يا محمد {في مرية}، يعني: في شك، {مما يعبد هؤلاء}، يعني: كفار مكة أنها ضلال، {ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم} الأولون {من قبل}، يعني: من قبلهم، {وإنا لموفوهم نصيبهم}، يقول: إنا لموفون لهم حظهم من العذاب، {غير منقوص} عنهم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فلا تك في شك، يا محمد، مما يعبد هؤلاء المشركون من قومك من الآلهة والأصنام أنه ضلال وباطل وأنه بالله شرك، ما يعبد هؤلاء إلا كعبادة آبائهم من قبل عبادتهم لها. يخبر تعالى ذكره أنهم لم يعبدوا ما عبدوا من الأوثان إلا اتباعا منهم منهاج آبائهم، واقتفاء منهم آثارهم، لا عن أمر الله إياهم بذلك، ولا بحجة تبينوها توجب عليهم عبادتها. ثم أخبر جلّ ثناؤه نبيه ما هو فاعل بهم لعبادتهم ذلك، فقال جلّ ثناؤه: {وَإنّا لَمُوفّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غيرَ مَنْقُوصٍ}، يعني: حظهم مما وعدتُهم أن أوفيَهموه من خير أو شر، غير منقوص، يقول: لا أنقصهم مما وعدتهم، بل أتمم ذلك لهم على التمام والكمال...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
لا تكن يا محمد في شك بأن هؤلاء قد بلغوا في عبادتهم الأصنام والأوثان الحد الذي بلغ آباؤهم في عبادتهم الأصنام والأوثان، فأهلكوا: إذ بلغوا ذلك الحد. فهؤلاء أيضا قد بلغوا ذلك المبلغ أي مبلغ الهلاك، لكن الله برحمته وفضله أخر عنهم العذاب إلى وقت...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
نهى الله تعالى نبيه -والمراد به أمته- أن يكونوا في شك من عبادة هؤلاء يعني الكفار الذين تقدم ذكرهم، وأنه باطل. و (المرية) -بكسر الميم وضمها- الشك مع ظهور الدلالة البينة...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
لا يريد أنَّه عليه السلام في شَكٍ، ولكنه أراد به تحقيق كونهم مُضَاهين لآبائهم، كما تقول: لا شكَّ أنَّ هذا نهارٌ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هؤلاء} أي: فلا تشك بعد ما أنزل عليك من هذ القصص في سوء عاقبة عبادتهم وتعرّضهم بها لما أصاب أمثالهم قبلهم تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدة بالانتقام منهم ووعيداً لهم ثم قال: {مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ ءابآؤهُم} يريد أن حالهم في الشرك مثل حال آبائهم من غير تفاوت بين الحالين، وقد بلغك ما نزل بآبائهم فسينزلنّ بهم مثله،...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
لفظ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى له ولأمته، ولم يقع لأحد شك فيقع عنه نهي ولكن من فصاحة القول في بيان ضلالة الكفرة إخراجه في هذه العبارة، أي حالهم أوضح من أن يمترى فيها، وال {مرية}: الشك، و {هؤلاء} إشارة إلى كفار العرب عبدة الأصنام؛ ثم قال: {ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل}. المعنى: أنهم مقلدون لا برهان عندهم ولا حجة، وإنما عبادتهم تشبهاً منهم بآبائهم لا عن بصيرة.
{وإنَّا لموفوهم نصيبهم غير منقوص} وعيد، ومعناه: العقوبة التي تقتضيها أعمالهم، ويظهر من قوله: {غير منقوص} أن على الأولين كفلاً من كفر الآخرين...
اعلم أنه تعالى لما شرح أقاصيص عبدة الأوثان ثم أتبعه بأحوال الأشقياء وأحوال السعداء شرح للرسول عليه الصلاة والسلام أحوال الكفار من قومه فقال: {فلا تك في مرية} والمعنى: فلا تكن، إلا أنه حذف النون لكثرة الاستعمال، ولأن النون إذا وقع على طرف الكلام لم يبق عند التلفظ به إلا مجرد الغنة فلا جرم أسقطوه، والمعنى: فلا تك في شك من حال ما يعبدون في أنها لا تضر ولا تنفع. ثم قال تعالى: {ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل} والمراد أنهم أشبهوا آباءهم في لزوم الجهل والتقليد.
ثم قال: {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص} فيحتمل أن يكون المراد إنا موفوهم نصيبهم أي ما يخصهم من العذاب. ويحتمل أن يكون المراد أنهم وإن كفروا وأعرضوا عن الحق فإنا موفوهم نصيبهم من الرزق والخيرات الدنيوية. ويحتمل أيضا أن يكون المراد إنا موفوهم نصيبهم من إزالة العذر وإزاحة العلل وإظهار الدلائل وإرسال الرسل وإنزال الكتب، ويحتمل أيضا أن يكون الكل مرادا.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما أخبره تعالى بوقوع القضاء بتمييز الناس في اليوم المشهود إلى القسمين المذكورين على الحكم المشروح مرهباً ومرغباً، كان ذلك كافياً في الثبات على أمر الله والمضيّ لإنفاذ جميع ما أرسل به وإن شق اعتماداً على النصرة في ذلك اليوم بحضرة تلك الجموع، فكان ذلك سبباً للنهي عن القلق في شيء من الأشياء وإن جل وقعه وتعاظم خطبه، فقال تعالى: {فلا} ولما كان ما تضمنه هذا التقسيم أمراً عظيماً وخطباً جسيماً، اقتضى عظيم تشوف النفس وشديد شوقها لعلم ما سبب عنه، فاقتضى ذلك حذف النون من "كان "إيجازاً في الكلام للإسراع بالإيقاف على المراد والإبلاغ في نفي الكون على أعلى الوجوه فقال: {تك} أي في حالة من الأحوال {في مرية} والمرية: الشك مع ظهور الدلالة للتهمة -قاله الرماني {مما يعبد هؤلآء} أي لا تفعل فعل من هو في مرية بأن تضطرب من أجل ما يعبدون مواظبين على عبادتهم مجددين ذلك في كل حي فتنجع نفسك في إرادة مبادرتهم إلى امتثال الأوامر في النزوع عن ذلك بالكف عن مكاشفتهم بغائظ الإنذار والطلب لإجابة مقترحاتهم رجاء الازدجار كما مضى في قوله تعالى {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك}... ثم استأنف تعالى خبراً هو بمنزلة العلة لذلك فقال: {ما يعبدون} أي يوقعون العبادة على وجه الاستمرار {إلاّ كما يعبد آباؤهم} ولما كانت عبادتهم في قليل من الزمن الماضي أدخل الجار فقال: {من قبل} أي أنهم لم يفعلوا ذلك لشبهة إذا كشف عنها القناع رجعوا، بل لمحض تقليد الآباء مع استحضارهم لتلبسهم بالعبادة كأنهم حاضرون لديهم يشاهدونهم مع العمى عن النظر في الدلائل والحجج كما كان من قصصنا عليك أخبارهم من الأمم في تقليد الآباء سواء بسواء مع عظيم شكيمتهم وشدة عصبتهم للأجانب فكيف بالأقارب فكيف بالآباء! فأقم عليهم الحجة بإبلاغ جميع ما نأمرك به كما فعل من قصصنا عليك أنباءهم من إخوانك من الرسل غير مخطر في البال شيئاً مما قد يترتب عليه إلى أن ينفذ ما نريد من أوامرنا كما سبق في العلم فلا تستعجل فإنا ندبر الأمر في سفول شأنهم وعلو شأنك كما نريد {وإنا} بما لنا من العظمة {لموفوهم نصيبهم} من الخير والشر من الآجال وغيرها وما هو ثابت ثباتاً لا يفارق أصلاً؛ ولما كانت التوفية قد تطلق على مجرد الإعطاء وقد يكون ذلك على التقريب، نفى هذا الاحتمال بقوله: {غير منقوص} والنصيب: القسم المجعول لصاحبه كالحظ؛ والمنقوص: المقدار المأخوذ جزء منه؛ والنقص: أخذ جزء من المقدار...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء} هذه فذلكة ما تقدم من الإرشاد إلى الاعتبار بما حل بالأمم المهلكة، وإنذار أعداء النبي صلى الله عليه وسلم به، يقول: إذا كان أمر الأمم المشركة الظالمة في الدنيا ثم في الآخرة كما قصصناه عليك أيها الرسول فلا تكن في أدنى شك وامتراء مما يعبد قومك هؤلاء في عاقبته بمقتضى تلك السنة التي لا تبديل لها، فالنهي تسلية له صلى الله عليه وسلم وإنذار لقومه. ثم بين حالهم في عبادتهم وجزائهم بيانا مستأنفا فقال {ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل} فهم مقلدون لآبائهم كما يقولون، وكما قال أقوام أولئك الأنبياء من قبلهم. {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص} أي وإنا لمعطوهم نصيبهم من جزاء أعمالهم في الدنيا والآخرة وافيا تاما لا ينقص منه شيء، كما وفينا آباءهم الأولين من قبل، فإنه ما من خير يعمله أحد منهم كَبِر الوالدين، وصلة الأرحام، وإغاثة الملهوف، وعمل المعروف إلا ويوفيهم الله تعالى جزاءهم عليه، في الدنيا بسعة الرزق، وكشف الضر جزاء تاما وافيا، لا ينقصه شيء، يجزون عليه في الآخرة، فلا يغترن أغنياؤهم وكبراؤهم بما هم فيه من سعة ونعمة ووجاهة، فهو متاع عاجل لا يلبث أن ينقضي، ولا يحتجن به على رضى الله عنهم وإعطائهم مثله في الآخرة على فرض وجودها، كما أعطاهم في الدنيا كما حكى عن قائلهم: {ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا} [الكهف: 36]، وعن آخر {ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} [فصلت: 50]، فإن الحسنى عند الرب تعالى في الآخرة لا تكون إلا للمؤمنين المتقين، الذين يزكون أنفسهم في الدنيا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وما بلغهم عنه من موجبات الرحمة عنده بفضله...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
بعد هذا الاستطراد إلى المصير في الآخرة، بمناسبة عرض مصائر الأقوام في الدنيا، والمشابه بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وتصوير ما ينتظر المكذبين هنا أو هناك، أو هنا ثم هناك.. يعود السياق بما يستفاد من القصص ومن المشاهد إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] والقلة المؤمنة معه في مكة -تسرية وتثبيتا؛ وإلى المكذبين من قومه بيانا وتحذيرا. فليس هناك شك في أن القوم يعبدون ما كان آباؤهم يعبدون- شأنهم شأن أصحاب ذلك القصص وأصحاب تلك المصائر -ونصيبهم الذي يستحقونه سيوفونه. فإن كان قد أخر عنهم فقد أخر عذاب الاستئصال عن قوم موسى- بعد اختلافهم في دينهم -لأمر قد شاءه الله في إنظارهم. ولكن قوم موسى وقوم محمد على السواء سيوفون ما يستحقون، بعد الأجل، وفي الموعد المحدود. ولم يؤخر عنهم العذاب لأنهم على الحق. فهم على الباطل الذي كان عليه آباؤهم بكل تأكيد: (فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء. ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل. وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص. ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه. ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم. وإنهم لفي شك منه مريب. وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم.. إنه بما يعملون خبير).. لا يتسرب إلى نفسك شك في فساد عبادة هؤلاء. والخطاب للرسول [صلى الله عليه وسلم] والتحذير لقومه. وهذا الأسلوب أفعل في النفس أحيانا، لأنه يوحي بأنها قضية موضوعية يبينها الله لرسوله، وليست جدالا مع أحد، ولا خطابا للمتلبسين بها، إهمالا لهم وقلة انشغال بهم! وعندئذ يكون لتلك الحقيقة الخالصة المجردة أثرها في اهتمامهم أكثر مما لو خوطبوا بها خطابا مباشرا.. (فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء. ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل).. ومصيرهم إذن كمصيرهم.. العذاب.. ولكنه يلفه كذلك في التعبير تمشيا مع الأسلوب: (وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص).. ومعروف نصيبهم هذا من نصيب القوم قبلهم. وقد رأينا منه نماذج ومشاهد! وقد لا يصيبهم عذاب الاستئصال- في الدنيا -كما لم يصب قوم موسى:...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
تفريع على القصص الماضية فإنها تكسب سامعها يقيناً بباطل ما عليه عبدة الأصنام وبخيبة ما أملوه فيهم من الشّفاعة في الدنيا وإن سابق شقائهم في الدنيا بعذاب الاستئصال يُؤذن بسوء حالهم في الآخرة، ففرع على ذلك نهي السامع أن يشك في سوء الشّرك وفساده...
والخطاب في نحو {فلا تك في مرية} يقصد به أيُّ سامع لا سامعٌ معيّن سواء كان ممّن يظنّ به أن يشكّ في ذلك أم لا إذ ليس المقصود معيّناً. ويجوز أن يكون الخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم ويكون {فلا تك} مقصوداً به مجرّد تحقيق الخبر فإنّه جرى مجرى المثل في ذلك في كلام العرب مثل كلمة: لا شكّ، ولا محالة، ولا أعرفنّك، ونحوها...
ويجوز أن يكون تثبيتاً للنبيء صلى الله عليه وسلم على ما يلقاه من قومه من التصلّب في الشرك، أي لا تكن شاكّاً في أنّك لقيت من قومك من التكذيب مثل ما لقيه الرّسل من أممهم فإنّ هؤلاء ما يعبدون إلاّ عبادة كما يعبد آباؤهم من قبل متوارثينها عن أسلافهم من الأمم البائدة...
ومعنى الشكّ في عبادتهم ليس إلاّ الشكّ في شأنها، لأنّ عبادتهم معلومة للنبيء صلى الله عليه وسلم فلا وجه لنفي مريته فيها، وإنّما المراد نفي الشك فيما قد يعتريه من الشكّ من أنهم هل يعذّبهم الله في الدنيا أو يتركهم إلى عقاب الآخرة. وجملة {ما يعبدون إلاّ كما يعبد آباؤهم من قبل} مستأنفة، تعليلاً لانتفاء الشكّ في عاقبة أمرهم في الدّنيا. ووجه كونه علّة أنّه لمّا كان دينهم عين دين من كان قبلهم من آبائهم وقد بلغكم ما فعل الله بهم عقاباً على دينهم فأنتم توقنون بأنّ جزاءهم سيكون مماثلاً لجزاء أسلافهم، لأنّ حكمة الله تقتضي المساواة في الجزاء على الأعمال المتماثلة...
والآباء: أطلق على الأسلاف، وهم عاد وثمود. وذلك أنّ العرب العدنانيين كانت أمّهم جرهمية، وهي امرأة إسماعيل، وجرهم من إخوة ثمود، وثمود إخوة لعاد، ولأنّ قريشاً كانت أمهم خزاعيّة وهي زوج قصيّ. وعبادة الأصنام في العرب أتاهم بها عمرو بن يحيى، وهو جدّ خزاعة. وعبّر عن عبادة الآباء بالمضارع للدّلالة على استمرارهم على تلك العبادة، أي إلاّ كما اعتاد آباؤُهم عبادتهم. والقرينة على المضي قوله: {من قبلُ}، فكأنّه قيل: إلاّ كما كان يعبد آباؤهم. والمضاف إليه {قَبْلُ} محذوف تقديره: من قبلهم، تنصيصاً على أنّهم سلفهم في هذا الضّلال وعلى أنّهم اقتدوا بهم...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وفي الحقيقة إِنّ هذه الآية تجسّم هذه الحقيقة، وهي أنّ ما قرأناه من قصص الأُمم السابقة لم يكن أسطورة، كما أنّها لا تختص بالماضين، فهي سنّة أبدية وخالدة وهي لجميع الناس ماضياً وحاضراً ومستقبلا. غاية ما في الأمر أنّ هذا العقاب في كثير من الأُمم السابقة نزل على شكل بلايا مهولة وعظيمة، لكنّه وجد شكلا آخر في شأن أعداء نبي الإِسلام، وهو أنّ الله أعطى القدرة والقوة العظيمة لنبيّه وأصحابه المؤمنين بحيث استطاع أن يهزم أعداءه الظالمين اللجوجين الذين أصروا على انحرافهم وغرورهم...