{ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ } أي : غلمانه { اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ } وهي التي قدموا بها ليمتاروا عوضا عنها { فِي رِحَالِهِمْ } أي : في أمتعتهم من حيث لا يشعرون ، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } بها .
قيل : خشي يوسف ، عليه السلام ، ألا يكون عندهم بضاعة أخرى يرجعون للميرة بها . وقيل : تذمم أن يأخذ من أبيه وإخوته عوضا عن الطعام . وقيل : أراد أن يردهم إذا وجدوها في متاعهم تحرجًا وتورعًا لأنه يعلم ذلك منهم{[2]} والله أعلم .
{ وقال لفتيانه } لغلمانه الكيالين جمع فتى . وقرأ حمزة والكسائي وحفص " لفتيانه " على أنه جمع الكثرة ليوافق قوله : { اجعلوا بضاعتهم في رحالهم } فإنه وكل بكل رحل واحدا يعني فيه بضاعتهم التي شروا بها الطعام ، وكانت نعالا وأدماً وإنما فعل ذلك توسيعا وتفضلا عليهم وترفعا من أن يأخذ ثمن الطعام منهم ، وخوفا من أن لا يكون عند أبيه ما يرجعون به . { لعلهم يعرفونها } لعلهم يعرفون حق ردها . أو لكي يعرفوها . { إذا انقلبوا } انصرفوا ورجعوا . { إلى أهلهم } وفتحوا أوعيتهم . { لعلهم يرجعون } لعل معرفتهم ذلك تدعوهم إلى الرجوع .
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر : «لفتيته » وقرأ حمزة والكسائي : «لفتيانه » ، واختلف عن عاصم ، ففتيان للكثرة - على مراعاة المأمورين - وفتية للقلة - على مراعاة المتناولين وهم الخدمة{[6741]} - ويكون هذا الوصف للحر والعبد . وفي مصحف ابن مسعود : «وقال لفتيانه » وهو يكايلهم .
وقوله { لعلهم يعرفونها } يريد : لعلهم يعرفون لها يداً ، أو تكرمة يرون حقها ، فيرغبون فينا ، فلعلهم يرجعون حينئذ وأما مير البضاعة فلا يقال فيه : لعل ، وقيل : قصد يوسف برد البضاعة أن يتحرجوا من أخذ الطعام بلا ثمن فيرجعوا لدفع الثمن ، وهذا ضعيف من وجوه ، وسرورهم بالبضاعة وقولهم : { هذه بضاعتنا ردت إلينا } [ يوسف : 65 ] يكشف أن يوسف لم يقصد هذا وإنما قصد أن يستميلهم ويصلهم ، فيرغبهم في نفسه كالذي كان ؛ وخص البضاعة بعينها - دون أن يعطيهم غيرها من الأموال - لأنها أوقع في نفوسهم ، إذ يعرفون حلها ، وماله هو إنما كان عندهم مالاً مجهول الحال ، غايته أن يستجاز على نحو استجازتهم قبول الميرة ؛ ويظهر أن ما فعل يوسف من صلتهم ، وجبرهم في تلك الشدة كان واجباً عليه ، إذ هو ملك عدل وهم أهل إيمان ونبوة ؛ وقيل : علم عدم البضاعة والدراهم عند أبيه ، فرد البضاعة إليهم لئلا يمنعهم العدم من الانصراف إليه ؛ وقيل : جعلها توطئة لجعل السقاية في رحل أخيه بعد ذلك ، ليبين أنه لم يسرق لمن يتأمل القصة .
قال القاضي أبو محمد : والظاهر من القصة أنه إنما أراد الاستئلاف وصلة الرحم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.