{ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجعلوا بضاعتهم فِي رِحَالِهِمْ } . قرأ أهل المدينة وأبو عمرو وعاصم من رواية شعبة وابن عامر ( لفتيته ) ، واختار هذه القراءة أبو حاتم والنحاس وغيرهما . وقرأ سائر الكوفيين . { لفتيانه } ، واختار هذه القراءة أبو عبيد ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود كالقراءة الآخرة . قال النحاس : لفتيانه مخالف للسواد الأعظم ، ولا يترك السواد المجمع عليه لهذا الإسناد المنقطع وأيضاً فإن فتية أشبه من ( فتيان ) ، لأن فتية عند العرب لأقل العدد ، وأمر القليل بأن يجعلوا البضاعة في الرحال أشبه ، والجملة مستأنفة جواب سؤال ، كأنه قيل : فما قال يوسف بعد وعدهم له بذلك ، فأجيب بأنه قال لفتيته . قال الزجاج : الفتية والفتيان في هذا الموضع : المماليك . وقال الثعلبي : هما لغتان جيدتان ، مثل الصبيان والصبية . والمراد بالبضاعة هنا هي التي وصلوا بها من بلادهم ليشتروا بها الطعام ، وكانت نعالاً وأدماً ، فعل يوسف عليه السلام ذلك تفضلاً عليهم ؛ وقيل : فعل ذلك ليرجعوا إليه مرة أخرى لعلمه أنهم لا يقبلون الطعام إلا بثمن . قاله الفراء ؛ وقيل : فعل ذلك ليستعينوا بها على الرجوع إليه لشراء الطعام ؛ وقيل : إنه استقبح أن يأخذ من أبيه وإخوته ثمن الطعام ، ثم علل يوسف عليه السلام ما أمر به من جعل البضاعة في رحالهم بقوله : { لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمْ } فجعل علة جعل البضاعة في الرحال هي معرفتهم لها إذا انقلبوا إلى أهلهم ، وذلك لأنهم لا يعلمون بردّ البضاعة إليهم إلاّ عند تفريغ الأوعية التي جعلوا فيها الطعام ، وهم لا يفرغونها إلاّ عند الوصول إلى أهلهم ، ثم علل معرفتهم للبضاعة المردودة إليهم ، المجعولة في رحالهم بقوله : { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } فإنهم إذا عرفوا ذلك وعلموا أنهم أخذوا الطعام بلا ثمن ، وأن ما دفعوه عوضاً عنه قد رجع إليهم ، وتفضل به من وصلوا إليه عليهم ، نشطوا إلى العود إليه ، ولا سيما مع ما هم فيه من الجدب الشديد ، والحاجة إلى الطعام وعدم وجوده لديهم ، فإن ذلك من أعظم ما يدعوهم إلى الرجوع ، وبهذا يظهر أن يوسف عليه السلام لم يردّ البضاعة إليهم إلاّ لهذا المقصد ، وهو رجوعهم إليه ، فلا يتمّ تعليل ردّها بغير ذلك ، والرحال : جمع رحل ، والمراد به هنا : ما يستصحبه الرجل معه من الأثاث . قال الواحدي : الرحل كل شيء معدّ للرحيل من وعاء للمتاع ، ومركب للبعير ، ومجلس ورسن انتهى . والمراد هنا : الأوعية التي يجعلون فيها ما يمتارونه من الطعام . قال ابن الأنباري : يقال للوعاء : رحل ، وللبيت : رحل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.