غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالَ لِفِتۡيَٰنِهِ ٱجۡعَلُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ فِي رِحَالِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَعۡرِفُونَهَآ إِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (62)

54

{ وقال لفتيانه } أو { لفتيته } قراءتان وهما جمع فتى كالإخوان والإخوة في أخ ففعلة للقلة ووجهه أن هذا العمل من الأسرار فوجب كتمانه عن العدد الكثير ، وفعلان للكثرة ووجهه أنه قال : { اجعلوا بضاعتهم في رحالهم } والرحال عدد كثير ويناسبه الجم الغفير من الغلمان الكيالين ، والبضاعة ما قطع من المال للتجارة ، والرحال جمع رحل والمراد به ههنا ما يستصحبه الرجل معه من الأثاث . والأكثرون على أنه أمر بوضع بضاعتهم في رحالهم على وجه لا يعرفون بدليل قوله : { لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم } وفرغوا ظروفهم { لعلهم يرجعون } لعل معرفتهم بذلك تدعوهم إلى الرجوع إلينا وكانت بضاعتهم النعل والأدم . وقيل : أمر بوصفها على وجه عرفوها ، والمعنى لعلهم يعرفون حق ردّها . أما السبب الذي لأجله أمر يوسف بذلك فقيل : ليعلموا كرم يوسف فيبعثهم ذلك على المعاودة . وقيل : خاف أن لا يكون عند أبيه من البضاعة ما يدعوهم إلى الرجوع ، أو أراد به التوسعة على أبيه لأن الزمان كان زمان قحط ، أو لأن أخذ ثمن الطعام من أبيه وإخوته لؤم ، أو أراد أن يرجعوا ليعرفوا سبب الرد لأنهم أولاد الأنبياء فيحترزوا أن يكون ذلك على سبيل السهو ، أو أراد أن يحسن إليهم على وجه لا يلحقهم عيب ولا منة فلا يثقل على أبيه إرسال أخيه . وقيل : { يرجعون } متعدٍ أي لعلهم يردونها .

/خ68