الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَقَالَ لِفِتۡيَٰنِهِ ٱجۡعَلُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ فِي رِحَالِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَعۡرِفُونَهَآ إِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (62)

{ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ } أي لغلمانه الذين يعملون بالطعام ، قرأ الحسن وحميد ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي وحفص ، لفتيانه بالألف والنون وهو اختيار أبي عبيدة ، وقال : هي في مصحف عبدالله كذلك ، وقرأ الباقون لفتيته بالتاء من غير ألف وهما لغتان مثل الصبيان والصبية .

{ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ } أي طعامهم ، قال قتادة : أوراقهم ، الضحّاك عن ابن عباس قال : كانت النعل والأدم ، { فِي رِحَالِهِمْ } في أوعيتهم وهي جمع رحل ، والجمع القليل منه الرحيل ، قال ابن الأنباري : يقال للوعاء : رَحل وللمسكن رحل .

{ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا انْقَلَبُواْ } انصرفوا ، { إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } إليّ واختلف العُلماء في السبب الذي فعل يوسف من أجله ، فقال الكلبي : تخوّف يوسف أن لا يكون عند أبيه من الورق فلا يرجعون مرّة أخرى ، وقيل : خشي أن يضرّ أخذه ذلك منهم بأبيه ؛ إذ كانت السنة سنة جدب وقحط ، فأحبّ أن يرجع إليه ، وإنِّما أراد أن يتّسع به أبوه ، وقيل : رأى لو أخذ ثمن الطعام من أبيه وإخوته مع حاجتهم إليه فردّه عليهم من حيث لا يعلمون تكرّماً وتفضّلا .

وقيل : فعل لأنّه علم أنّ ديانتهم وأمانتهم تحملهم على ردّ البضاعة ولا يستحلّون إمساكها فيرجعون لأجلها ، وقيل : أبدى لهم كرمه في ردّ البضاعة وتقديم الضمان في البِرّ والإحسان ليكون أدعى لهم إلى العود إليه طمعاً في برّه .