الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَقَالَ لِفِتۡيَٰنِهِ ٱجۡعَلُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ فِي رِحَالِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَعۡرِفُونَهَآ إِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (62)

وقوله : { لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا } [ يوسف : 62 ] .

يريد : لعلَّهم يعرفون لها يداً وتكرمةً يَرَوْنَ حقَّها ؛ فيرغبون في الرجوعِ إِلينا ، وأما مَيْزُ البِضَاعة ، فلا يُقَالُ فيه : «لَعَلَّ » وقيل : قصد يوسف بِرَدِّ البضاعة أنْ يتحرَّجوا مِنْ أخْذِ الطعامِ بِلا ثَمنٍ ، فيرجعوا لدَفْعِ الثمنِ ، وهذا ضعيفٌ من وجوهٍ ، وسرُورُهُم بالبضَاعةِ ، وقولهم : { هذه بضاعتنا رُدَّتْ إِلَيْنَا } [ يوسف : 65 ] يكشف أنَّ يوسف لم يَقْصِدْ هذا ، وإِنما قصد أنْ يستميلهم ، ويصلهم ، ويُظْهِر أَنَّ ما فعله يوسف من صلتهم وجَبْرهم في تِلْكَ الشِّدَّة كان واجباً عليه ، وقيلَ : عَلِمَ عَدَمَ البضاعةِ والدَّراهمِ عند أبيه ؛ فرَدَّ البضاعة إِليهم ؛ لئِلاَّ يمنعهم العُدْمُ من الرجوعِ إِليه ، وقيل : جعلها توطئةً لجعل السقاية في رَحْلِ أخيه بعد ذلك ، ليبيِّن أنه لم يَسْرِقْ لمن يتأمَّل القصَّة ، والظاهر منَ القصَّة أنه إِنما أَراد الاستئلاف وصِلَةَ الرحِمِ ،