المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (85)

85- فمن يطلب بعد مبعث محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ديناً وشريعة غير دين الإسلام وشريعته فلن يرضى الله منه ذلك ، وهو عند الله في دار جزائه من الذين خسروا أنفسهم فاستوجبوا العذاب الأليم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (85)

ثم قال تعالى : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } أي : من سلك طريقًا سوى ما شَرَعَه الله فلن يُقْبل منه { وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } كما قال النبي{[5278]} صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا عباد بن راشد ، حدثنا الحسن ، حدثنا أبو هريرة ، إذ ذاك ونحن بالمدينة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تَجِيءُ الأعْمَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَتَجِيءُ الصَّلاةُ فَتَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَنَا الصَّلاةُ . فَيَقُولُ : إِنَّكِ عَلَى خَيْرٍ . فَتَجِيءُ الصَّدَقَةُ فَتَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَنَا الصَّدَقَةُ . فَيَقُولُ : إِنَّكِ عَلَى خَيْرٍ . ثُمَّ يَجِيءُ الصِّيَامُ فَيَقُولُ : أَيْ يَا رَبِّ ، أَنَا الصِّيَامُ . فَيَقُولُ : إِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ . ثُمَّ تَجِيءُ الأعْمَالُ ، كُل ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ تعالى : إِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ ، ثُمَّ يَجِيءُ الإسْلامُ فَيَقُولُ : يَا رَب ، أَنْتَ السَّلامُ وَأَنَا الإسْلامُ . فَيَقُولُ اللَّهُ [ تعالى ] :{[5279]} إِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ ، بِكَ الْيَوْمَ آخُذُ وَبِكَ{[5280]} أُعْطِي ، قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ } .

تفرد به أحمد . قال أبو عبد الرحمن عبد الله{[5281]} بن الإمام أحمد : عباد بن راشد ثقة ، ولكن الحسن لم يسمع من أبي هريرة{[5282]} .


[5278]:في جـ، أ، و: "رسول الله".
[5279]:زيادة من و.
[5280]:في و: "وبه".
[5281]:في ر: "أبو عبد الرحمن بن عبد الله" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه.
[5282]:المسند (2/362) وقال الهيثمي في المجمع (10/345): "فيه عباد بن راشد، وثقه أبو حاتم وغيره، وضعفه جماعة، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (85)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

يعني بذلك جلّ ثناؤه : ومن يطلب دينا غير دين الإسلام ليدين به ، فلن يقبل الله منه ، { وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ } ، يقول : من الباخسين أنفسهم حظوظها من رحمة الله عزّ وجلّ . وذُكر أن أهل كل ملة ادّعوا أنهم هم المسلمون لما نزلت هذه الآية ، فأمرهم الله بالحجّ إن كانوا صادقين ، لأن من سنة الإسلام الحجّ ، فامتنعوا ، فأدحض الله بذلك حجتهم . ذكر الخبر بذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، قال : زعم عكرمة : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلاَمِ دِينا } فقالت الملل : نحن المسلمون ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَلِلّهِ على النّاسِ حِجّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنّ اللّهَ غَنِيّ عَنِ العالَمِينَ } فحجّ المسلمون ، وقعد الكفار .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا القعنبي ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عكرمة ، قال : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلاَمِ دِينا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } قالت اليهود : فنحن المسلمون ، فأنزل الله عزّ وجلّ لنبيه صلى الله عليه وسلم يحجّهم أن { لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنّ اللّهَ غَنِيّ عَنِ العَالَمِينَ } .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عكرمة ، قال : لما نزلت : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينا } . . . إلى آخر الآية ، قالت اليهود : فنحن مسلمون ، قال الله عزّ وجلّ لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم : إن { لِلّهِ على النّاسِ حِجّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ } من أهل الملل { فَإِنّ اللّهَ غَنِيّ عَنِ العَالَمِينَ } .

وقال آخرون في هذه الآية بما :

حدثنا به المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالنّصَارَى وَالصّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ } إلى قوله : { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } فأنزل الله عزّ وجلّ بعد هذا : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلاَمِ دِينا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (85)

عطف على جملة { أفغير دين الله يبغون } وما بينهما اعتراض ، كما علمت ، وهذا تأييس لأهل الكتاب من النجاة في الآخرة ، وردّ لقولهم : نحن على ملة إبراهيم ، فنحن ناجون على كلّ حال . والمعنى من يبتغ غير الإسلام بعد مجيء الإسلام . وقرأه الجميع بإظهار حرفي الغين من كلمة { من يبتغ } وكلمة { غير } وروى السُوسي عن أبي عمرو إدغام إحداهما في الأخرى وهو الإدغام الكبير .