{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } نزلت في جماعة ارتدوا وكانوا اثني عشر رجلاً وخرجوا من المدينة وأتوا مكة كفاراً ، منهم الحرث بن سويد الأنصاري ، والإسلام قيل : التوحيد والانقياد ، وقيل : شريعة نبينا عليه الصلاة والسلام بين تعالى أن من تحرى بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم غير شريعته فهو غير مقبول منه ، وقبول الشيء هو الرضا به وإثابة فاعله عليه ، وانتصاب { دِينًا } على التمييز من { غَيْرِ } وهي مفعول { يَبْتَغِ } وجوز أن يكون { دِينًا } مفعول { يَبْتَغِ } و { غَيْرِ } صفة قدمت فصارت حالاً ، وقيل : هو بدل من { غَيْرَ الإسلام } والجمهور على إظهار الغينين ، وروي عن أبي عمرو الادغام ، وضعفه أبو البقاء بأن كسرة الغين الأولى تدل على الياء المحذوفة
{ وَهُوَ في الاخرة مِنَ * الخاسرين } إما معطوفة على جواب الشرط فتكون في محل جزم ، وإما في محل الحال من الضمير المجرور فتكون في محل نصب ، وإما مستأنفة فلا محل لها من الإعراب ، و { فِى الاخرة } متعلق بمحذوف يدل عليه ما بعده أي وهو خاسر في الآخرة أو متعلق بالخاسرين على/ أن الألف واللام ليست موصولة بل هي حرف تعريف ، والخسران في الآخرة ، هو حرمان الثواب وحصول العقاب ، وقيل : أصل الخسران ذهاب رأس المال ، والمراد به هنا تضييع ما جبل عليه من الفطرة السليمة المشار إليها في حديث «كل مولود يولد على الفطرة » وعدم الانتفاع بذلك وظهوره بتحقق ضده { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [ الشعراء : 88 ، 89 ] والتعبير بالخاسرين أبلغ من التعبير بخاسر كما أشرنا إليه فيما قبل وهو منزل منزلة اللازم ولذا ترك مفعوله ، والمعنى وهو من جملة الواقعين في الخسران واستدل بالآية على أن الإيمان هو الإسلام إذ لو كان غيره لم يقبل ، واللازم باطل بالضرورة فالملزوم مثله ، وأجيب بأن { فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } ينفي قبول كل دين يباين دين الإسلام والإيمان ، وإن كان { غَيْرَ الإسلام } لكنه لا يغاير دين الإسلام ، بل هو هو بحسب الذات ، وإن كان غيره بحسب المفهوم ، وذكر الإمام أن ظاهر هذه الآية يدل على عدم المغايرة ، وقوله تعالى : { قَالَتِ الاعراب ءامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } [ الحجرات : 14 ] يدل على المغايرة ، ووجه التوفيق بينهما أن تحمل الآية الأولى على العرف الشرعي ، والثانية على الوضع اللغوي .
ومن باب الإشارة :{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام } وهو التوحيد { دِينًا } له { فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } لعدم وصوله إلى الحق لمكان الحجاب { وَهُوَ في الاخرة } ويوم القيامة الكبرى { مّنَ الخاسرين } [ آل عمران : 85 ] الذين خسروا أنفسهم
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.