افتتحت هذه السورة بحرفين من الحروف المعجم على طريقة القرآن الكريم في كثير من السور ، وقد نوهت هذه السورة في كثير من آياتها بشأن القرآن الكريم وما اشتمل عليه من بشارة وإنذار . وبينت موقف المشركين منه ، من الإعراض عنه ومحاربة دعوته ، وموقف الرسول منهم الثبات على دعوته وقوله لهم : { إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد ، فاستقيموا إليه واستغفروه } وتأخذ السورة في تذكير المشركين بآيات قدرة الله تعالى في خلق السماوات والأرض ، ثم تخويفهم بما وقع لأقرب الأمم إلى ديارهم : عاد وثمود ، وتذكرهم باليوم الآخر يوم يشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون ، وما يكون بينهم وبين أعضائهم من المجادلة يومئذ ، وما يدعو به الاتباع ربهم يوم القيامة : { ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين } .
وكما هي سنة الله في هذا الكتاب أنه إذا تحدث عن الكافرين تحدث عن المؤمنين ، فقد تحدثت السورة عن الذين قالوا : ربنا الله ثم استقاموا ، وما أعد لهم من نعيم مقيم ، وعقدت المقارنة بين الخير والشر : { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة } .
ثم تنتقل السورة فتلفت الأنظار إلى آيات قدرة الله تعالى الدالة على إمكان البعث وإحياء الموتى . ثم تعود مرة أخرى إلى تشديد النكير على المحرفين لآيات الله وأنهم لا يخفون على الله ، وأن هذا الكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، وأن رسالة محمد ليست بدعا من الرسالات .
وتقرر السورة خلقا من أخلاق الإنسان أنه أنعم الله عليه أعرض عن الحق ، وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض .
وختمت السورة بتقرير أمرين هما أهم ما اشتملت عليه من الأعراض ، أولهما : التنويه بالقرآن الكريم وما اشتمل عليه من الحق الذي لا ريب فيه : { سنريهم في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } . وثانيهما : أن ما عليه الكافرون ما هو إلا شك في البعث حملهم على الكفر والضلال : { ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ، ألا إنه بكل شيء محيط } .
1- حم حرفان من حروف المعجم افتتحت بهما السورة - كعادة القرآن في افتتاح كثير من السور - لإثارة الانتباه والتدليل على إعجاز القرآن .
سورة فصلت مكية وآياتها أربع وخمسون ، نزلت بعد سورة غافر ، وتسمى السجدة . وأول ما بدئت به السورة هو التنويه بالقرآن الكريم ، وأنه كتاب فصّلت آياته قرآنا عربيا ، وبذلك سميت " سورة فصلت " . وهي كباقي السور المكية تعالج قضية العقيدة بحقائقها الأساسية ، الألوهية الواحدة ، والحياة الآخرة ، والوحي والرسالة . وكل ما في السورة شرح لهذه الحقائق واستدلال عليها . كذلك بيّنت موقف المشركين من القرآن ، والإعراضَ عنه ، ومحاربة دعوته ، وموقف الرسول الكريم منهم من الثبات على دعوته ، وبيان وحدة الألوهية : { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد . . . } ، ويكثر الكلام عن الوحي والقرآن والجدل فيه .
وتذكّر السورة المشركين بقدرة الله في خلق السموات والأرض ، ثم تخوّفهم مما وقع لأقرب الأمم إلى ديارهم عاد وثمود ، وتذكّرهم بالآخرة ، يومَ يشهد عليهم سمعُهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون ، وما يكون بينهم وبين أعضائهم من المجادلة يومئذ .
وكما تحدثت السورة عن الكافرين وعنادهم تحدثت عن المؤمنين { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا . . . } كيف تتنزل عليهم الملائكة يبشّرونهم بالجنة وما أعدّ الله لهم فيها ، ضيافة من الله الغفور الرحيم . ثم تبيّن أخلاق المسلمين ، وتعطينا درسا رفيعا في الأخلاق والسيرة الحسنة ، وكيف ندعو إلى الله : { ومن أحسنُ قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ، ادْفغ بالتي هي أحسنُ فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم } .
ما أحلى هذا الكلام العظيم ، وما أرقى هذه الأخلاق لو تمشّينا على هداها !
{ وما يُلقّاها إلا الذين صبروا ، وما يُلقّاها إلا ذو حظ عظيم } . اللهم اجعلنا منهم وحسّن أخلاقنا يا رب العالمين .
وتنتقل السورة فتوجه الأنظار إلى آيات الله وقدرته في هذا الكون الفسيح من أمر البعث وإحياء الموتى ، وتشدِّد النكير على المحرّفين لآيات الله ، وأن هذا القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
ثم تبين خُلُقا من أخلاق الإنسان : فهو إذا أنعم الله عليه أعرضَ عن الحق ، وإذا مسّه الشر فذو دعاء عريض .
ثم تُختم السور بتقرير أمرين هما من أهم ما اشتملت عليه من الأغراض ، أولهما : التنويه بالقرآن الكريم كما بدئت السورة به ، وثانيهما : أن ما عليه الكافرون ما هو إلا شك في البعث حملهم على الكفر والضلال { ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ، ألا إنه بكل شيء محيط } .
وهكذا تعرض حقائق العقيدة بتفصيل في هذه السورة الكريمة في هذا الحشد من المؤثرات العميقة ، فنجد أننا في مطلع السورة إلى ختامها نقف أمام مؤثرات تجول بنا في ملكوت السموات والأرض ، وفي أغوار النفس ، وفي مصارع البشر ، وفي عالم القيامة ، يتأثر بها المؤمنون ، وينأى عنها المبطلون ، { وما ربُّك بظلاّم للعبيد } .
حاميم : حرفان من حروف المعجم افتتحت بهما السورة ، لإثارة الانتباه والتدليل على إعجاز القرآن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.