المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

47- ولقد جاء رسول لكل أمة فبلَّغها دعوة الله ، فآمن مَن آمن ، وكذّب مَن كذب ، فإذا كان يوم الحشر ، وجاء رسولهم وشهد على مكذبيه بالكفر ، وللمؤمنين بالإيمان ، فيحكم الله بينهم بالعدل التام ، فلا يظلم أحداً فيما يستحقه من جزاء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

26

ولكن كل قوم يُنظرون حتى يجيء رسولهم ، فينذرهم ويبين لهم ، وبذلك يستوفون حقهم الذي فرضه الله على نفسه بألا يعذب قوما إلا بعد الرسالة ، وبعد الإعذار لهم بالتبيين . وعندئذ يقضي بينهم بالقسط حسب استجابتهم للرسول :

( ولكل أمة رسول ، فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ) . .

ونقف من هاتين الآيتين أمام حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية التي يرتكز عليها التصور الإسلامي كله . وعناية المنهج القرآني بتوضيحها وتقريرها في كل مناسبة ، وفي صور شتى متنوعة . .

إنه يقال للرسول [ ص ] إن أمر هذه العقيدة ، وأمر القوم الذين يخاطبون بها . كله لله ، وأن ليس لك من الأمر شيء . دورك فيها هو البلاغ ، أما ما وراء ذلك فكله لله . وقد ينقضي أجلك كله ولا ترى نهاية القوم الذين يكذبونك ويعاندونك ويؤذونك ، فليس حتماً على الله أن يريك عاقبتهم ، وما ينزله بهم من جزاء . . هذا له وحده سبحانه ! اما أنت - وكل رسول - فعليك البلاغ . . ثم يمضي الرسول ويدع الأمر كله لله . . ذلك كي يعلم العبيد مجالهم ، وكي لا يستعجل الدعاة قضاء الله مهما طال عليهم في الدعوة ، ومهما تعرضوا فيها للعذاب ! !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

وقوله : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ } قال مجاهد : يعني يوم القيامة .

{ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } كما قال تعالى : { وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ{[14258]} وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } [ الزمر : 69 ] ، فكل أمة تعرض على الله بحضرة رسولها ، وكتابُ أعمالها من خير وشر موضوعٌ شاهد عليهم ، وحفظتهم من الملائكة شهودٌ أيضا أمة بعد أمة . وهذه الأمة الشريفة وإن كانت آخر الأمم في الخلق ، إلا أنها أول الأمم يوم القيامة يفصل بينهم ، ويقضى لهم ، كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نحن

الآخرون السابقون يوم القيامة ، المقضى لهم قبل الخلائق " {[14259]} فأمته إنما حازت قَصَب السبق لشرف رسولها ، صلوات الله وسلامه عليه [ دائمًا ]{[14260]} إلى يوم الدين .


[14258]:- في ت ، أ : "وهو خطأ".
[14259]:- هذا اللفظ في صحيح مسلم برقم (856) من حديث حذيفة رضي الله عنه ، وروى البخاري أوله برقم (876) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[14260]:- زيادة من ت ، أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

قوله تعالى : { ولكل أمة رسول } ، إخبار مثل قوله تعالى : { كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى } {[6130]} وقال مجاهد وغيره : المعنى فإذا جاء رسولهم يوم القيامة للشهادة عليم صير قوم للجنة وقوم للنار فذلك «القضاء بينهم بالقسط »{[6131]} وقيل : المعنى فإذا جاء رسولهم في الدنيا وبعث صاروا من حتم الله بالعذاب لقوم والمغفرة لآخرين لغاياتهم ، فذلك قضاء بينهم بالقسط ، وقرن بعض المتأولين هذه الآية بقوله { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً }{[6132]} وذلك يتفق إما بأن نجعل { معذبين } [ الاسراء : 15 ] في الآخرة ، وإما بأن نجعل «القضاء بينهم » في الدنيا بحيث يصح اشتباه الآيتين .


[6130]:- من الآيتين (8، 9) من سورة (الملك).
[6131]:- دليل ذلك قول الله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد}، وقوله سبحانه: {ويكون الرسول عليكم شهيدا}.
[6132]:- من الآية (15) من سورة (الإسراء).