المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوٓاْۚ إِنَّهُمۡ لَا يُعۡجِزُونَ} (59)

59- ولا يظن الذين كفروا أنهم سبقوا ونجوا من عاقبة خيانتهم وغدرهم . إنهم لا يعجزون اللَّه عن الإحاطة بهم ، بل هو القادر - وحده - وسيجزيهم بقوته وعدله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوٓاْۚ إِنَّهُمۡ لَا يُعۡجِزُونَ} (59)

55

وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ

ويجب أن نذكر أن هذه الأحكام كانت تتنزل والبشرية بجملتها لا تتطلع إلى مثل هذا الأفق المشرق . لقد كان قانون الغابة هو قانون المتحاربين حتى ذلك الزمان . قانون القوة التي لا تتقيد بقيد متى قدرت . ويجب أن نذكر كذلك أن قانون الغابة هو الذي ظل يحكم المجتمعات الجاهلية كلها بعد ذلك إلى القرن الثامن عشر الميلادي حيث لم تكن أوربا تعرف شيئاً عن المعاملات الدولية إلا ما تقتبسه في أثناء تعاملها مع العالم الإسلامي . ثم هي لم ترتفع قط حتى اللحظة إلى هذا الأفق في عالم الواقع ؛ حتى بعد ما عرفت نظرياً شيئاً اسمه القانون الدولي ! وعلى الذين يبهرهم " التقدم الفني في صناعة القانون " أن يدركوا حقيقة " الواقع " بين الإسلام والنظم المعاصرة جميعاً !

وفي مقابل هذه النصاعة وهذه النظافة يعد الله المسلمين النصر ، ويهوّن عليهم أمر الكفار والكفر !

( ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا ، إنهم لا يعجزون ) . .

فتبييتهم الغدر والخيانة لن يمنحهم فرصة السبق ، لأن الله لن يترك المسلمين وحدهم ، ولن يفلت الخائنين لخيانتهم . والذين كفروا أضعف من أن يعجزوا الله حين يطلبهم ، وأضعف من أن يعجزوا المسلمين والله ناصرهم .

فليطمئن أصحاب الوسائل النظيفة - متى أخلصوا النية فيها لله - من أن يسبقهم أصحاب الوسائل الخسيسة . فإنما هم منصورون بالله الذي يحققون سنته في الأرض ، ويعلون كلمته في الناس ، وينطلقون باسمه . يجاهدون ليخرجوا الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده بلا شريك .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوٓاْۚ إِنَّهُمۡ لَا يُعۡجِزُونَ} (59)

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { وَلا تَحْسَبَنَّ } يا محمَّد { الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا } أي : فاتونا فلا نقدر عليهم ، بل هم تحت قهر قدرتنا وفي قبضة مشيئتنا فلا يعجزوننا ، كما قال تعالى : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } [ العنكبوت : 4 ]أي : يظنون ، وقال تعالى : { لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [ النور : 57 ] ، وقال تعالى{[13104]} { لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ } [ آل عمران : 196 ، 197 ] .


[13104]:في د: "وقوله".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوٓاْۚ إِنَّهُمۡ لَا يُعۡجِزُونَ} (59)

{ ولا يحسبنّ } خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقوله : { الذين كفروا سبقوا } مفعولاه وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص بالياء على أن الفاعل ضمير أحد أو { من خلفهم } ، أو { الذين كفروا } والمفعول الأول أنفسهم فحذف للتكرار ، أو على تقدير أن { سبقوا } وهو ضعيف لأن أن المصدرية كالموصول فلا تحذف أو على إيقاع الفعل على { أنهم لا يُعجزون } بالفتح على قراءة ابن عامر وأن { لا } صلة و{ سبقوا } حال بمعنى سابقين أي مفلتين ، والأظهر أنه تعليل للنهي أي : لا تحسبنهم سبقوا فأفلتوا لأنهم لا يفوتون الله ، أو لا يجدون طالبهم عاجزا عن إدراكهم وكذا إن كسرت إن إلا أنه تعليل على سبيل الاستئناف ، ولعل الآية إزاحة لما يحذر به من نبذ العهد وإيقاظ العدو ، وقيل نزلت فيمن أفلت من فل المشركين .