نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوٓاْۚ إِنَّهُمۡ لَا يُعۡجِزُونَ} (59)

ولما كان نبذ العهد مظنة الخوف من تكثير العدو وإيقاظه ، وكان الإيقاع أولى بالخوف ، أتبع سبحانه ذلك ما{[35207]} يجري عليه ويسلي عن فوت من هرب من الكفار في غزوة بدر فلم يقتل ولم يؤسر فقال : { ولا يحسبن }{[35208]} بالياء غيباً على قراءة ابن عامر وحمزة وحفص ، أي أحد{[35209]} من أتباعك في وقت{[35210]} من الأوقات ، ووجه قراءة الباقين بالخطاب أن أمر الرئيس ونهيه أوقع في نفوس الأتباع وأدعى لهم إلى السماع { الذين كفروا } أي عامة من نبذ ومن لم ينبذ { سبقوا } أي وقع لهم السبق{[35211]} ، وهو الظفر في وقت ما ، فإنهم لم يفوتوا شيئاً من أوامرنا{[35212]} ؛ ثم علل ذلك بقوله : { إنهم لا يعجزون* } أي لا{[35213]} يفوتون شيئاً مما يزيد تسليطه عليهم ، أي لا يغرنك{[35214]} علوهم وكثرتهم وجرى كثير من الأمور على مرادهم فكل ذلك بتدبيرنا ، ولا يخرج شيء عن مرادنا ، ولا بد أن نهلكهم فإنهم في قبضتنا ، لم يخرجوا منها ولا يخرجون فضلاً عن أن يفوتوها فاصبر .


[35207]:في ظ: بما.
[35208]:في الأصل وظ: لا تحسبن، وإنما حولناه إلى الغيبة لانسجامه مع ما يتلوه من التفسير.
[35209]:في ظ: إحدى.
[35210]:زيد من ظ.
[35211]:في ظ: سبق.
[35212]:في ظ: مرادنا.
[35213]:زيد من ظ.
[35214]:في ظ: لا يعجزنك.