السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوٓاْۚ إِنَّهُمۡ لَا يُعۡجِزُونَ} (59)

ولما بيّن تعالى ما يفعله صلى الله عليه وسلم في حق من يجده في الحرب ويتمكن منه ، وذكر أيضاً ما يجب أن يفعله فيمن ظهر منه نقض العهد ، بين أيضاً حال من فاته في يوم بدر وغيره لكي لا تبقى حسرة في قلبه فقد كان فيهم من بلغ في أذية النبيّ صلى الله عليه وسلم مبلغاً عظيماً بقوله تعالى :

{ ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا } أي : خلصوا من القتل والأسر يوم بدر { إنهم لا يعجزون } الله أي : لا يفوتونه بهذا السبق في الانتقام منهم ، إمّا في الدنيا ، وإمّا في الآخرة بعذاب النار ، وفيه تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم فيمن ، فاته من المشركين ولم ينتقم منه ، فأعلمه الله تعالى أنهم لا يعجزونه ، وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص يحسبن بالياء على الغيبة على أن الفعل للذين كفروا ، والباقون بالتاء على الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم .