المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِۦۗ قُلۡ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمۡ إِلَى ٱلنَّارِ} (30)

30- وجعلوا لله - الواحد الأحد - أمثالاً من الأصنام في العبادة ، لتكون عاقبة عملهم إضلال الناس عن سبيل الله ، وقل - أيها النبي - لأولئك الضالين : تمتعوا بشهواتكم فإن مرجعكم إلى النار ! .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِۦۗ قُلۡ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمۡ إِلَى ٱلنَّارِ} (30)

28

لقد استبدلوا بنعمة الرسول ودعوته كفرا . وكانت دعوته إلى التوحيد ، فتركوها :

( وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله ) . .

جعلوا لله أقرانا مماثلين يعبدونهم كعبادته ، ويدينون لسلطانهم كما يدينون لسلطانه ، ويعترفون لهم بما هو من خصائص ألوهيته سبحانه !

جعلوا لله هذه الأنداد ليضلوا الناس عن سبيل الله الواحد الذي لا يتعدد ولا تتفرق به السبل .

والنص يشير إلى أن كبراء القوم عمدوا عمدا إلى تضليل قومهم عن سبيل الله ، باتخاذ هذه الأنداد من دون الله . فعقيدة التوحيد خطر على سلطان الطواغيت ومصالحهم في كل زمان . لا في زمن الجاهلية الأولى ، ولكن في زمن كل جاهلية ينحرف الناس فيها عن التوحيد المطلق ، في أية صورة من صور الانحراف ، فيسلمون قيادهم إلى كبرائهم ، وينزلون لهم عن حرياتهم وشخصياتهم ، ويخضعون لأهوائهم ونزواتهم ، ويتلقون شريعتهم من أهواء هؤلاء الكبراء لا من وحي الله . . عندئذ تصبح الدعوة إلى توحيد الله خطرا على الكبراء يتقونه بكل وسيلة . ومنها كان اتخاذ الآلهة أندادا لله في زمن الجاهلية الأولى . ومنها اليوم اتخاذ شرائع من عمل البشر ، تأمر بما لم يأمر الله به ، وتنهى عما لم ينه عنه الله . فإذا واضعوها في مكان الند لله في النفوس المضللة عن سبيل الله ، وفي واقع الحياة !

فيا أيها الرسول( قل )للقوم : ( تمتعوا ) . . تمتعوا قليلا في هذه الحياة إلى الأجل الذي قدره الله . والعاقبة معروفة : ( فإن مصيركم إلى النار ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِۦۗ قُلۡ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمۡ إِلَى ٱلنَّارِ} (30)

وقوله : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ } أي : جعلوا له{[15945]} شركاء عبدوهم معه ، ودَعَوُا الناس إلى ذلك .

ثم قال تعالى مهدِّدًا لهم{[15946]} ومتوعدا لهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم : { قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ }

أي : مهما قدرتم عليه في الدنيا فافعلوا ، فمهما يكن من شيء { فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ } أي : مرجعكم وموئلكم إليها ، كما قال تعالى : { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ لقمان : 24 ] ، وقال تعالى : { مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ } [ يونس : 70 ] .


[15945]:- في ت : "جعلوا لله".
[15946]:- في ت : "له".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِۦۗ قُلۡ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمۡ إِلَى ٱلنَّارِ} (30)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَجَعَلُواْ للّهِ أَندَاداً لّيُضِلّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتّعُواْ فَإِنّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النّارِ } .

يقول تعالى ذكره : وجعل هؤلاء الذين بدّلوا نعمة الله كفرا لربهم أندادا ، وهي جماع نِدّ ، وقد بيّنت معنى الندّ فيما مضى بشواهده بما أغنى عن إعادته ، وإنما أراد أنهم جعلوا لله شركاء كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : قوله : وَجَعَلُوا لِلّهِ أنْدَادًا والأنداد : الشركاء .

وقوله : لِيُضِلّوا عَنْ سَبِيلِهِ اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامّة قرّاء الكوفيين : لِيُضِلّوا بمعنى : كي يضلوا الناس عن سبيل الله بما فعلوا من ذلك . وقرأته عامة قرّاء أهل البصرة : «لَيَضِلّوا » بمعنى : كي يضلّ جاعلو الأنداد لله عن سبيل الله . وقوله : قُلْ تَمَتّعُوا يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهم : تمتعوا في الحياة الدنيا وعيدا من الله لهم لا إباحَة لهم التمتع بها ولا أمرا على وجه العبادة ، ولكن توبيخا وتهددا ووعيدا ، وقد بَيّن ذلك بقوله : فإنّ مَصِيرَكُمْ إلى النّارِ يقول : استمتعوا في الحياة الدنيا ، فإنها سريعة الزوال عنكم ، وإلى النار تصيرون عن قريب ، فتعلمون هنالك غبّ تمتعكم في الدنيا بمعاصي الله وكفركم فيها به .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِۦۗ قُلۡ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمۡ إِلَى ٱلنَّارِ} (30)

عطف على { بدلوا } و { أحلوا } ، فالضمير راجع إلى { الذين } وهم أئمة الشرك . والجعل يصدق باختراع ذلك ما فعل عمرو بن لُحي وهو من خُزاعة . ويصدق بتقرير ذلك ونشره والاحتجاج له ، مثل وضع أهل مكة الأصنام في الكعبة ووضع هُبل على سطحها .

والأنداد : جمع نِدّ بكسر النون ، وهو المماثل في مجد ورفعة ، وتقدم عند قوله تعالى : { فلا تجعلوا لله أنداداً } في سورة البقرة ( 22 ) .

وقرأ الجمهور { ليضلوا } بضم الياء التحتية من أضل غيره إذا جعله ضالاً ، فجعل الإضلال علة لجعلهم لله أنداداً ، وإن كانوا لم يقصدوا تضليل الناس وإنما قصدوا مقاصد هي مساوية للتضليل لأنها أوقعت الناس في الضلال ، فعُبر على مساوي التضليل بالتضليل لأنه آيل إليه وإن لم يقصدوه ، فكأنه قيل : للضلال عن سبيله ، تشنيعاً عليهم بغاية فعلهم وهم ما أضلوا إلا وقد ضَلّوا ، فعلم أنهم ضلوا وأضلوا ، وذلك إيجاز .

وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ورُويْس عن يعقوب { لِيَضلّو } بفتح الياء والمعنى : ليستمر ضلالهم فإنهم حين جعلوا الأنداد كان ضلالهم حاصلاً في زمن الحال . ومعنى لام التعليل أن تكون مستقبلة لأنها بتقدير { أن } المصدرية بعد لام التعليل .

ويعلم أنهم أضلوا الناس من قوله : { وأحلوا قومهم دار البوار } .

وسبيل الله : كل عمل يجري على ما يرضي الله . شبه العمل بالطريق الموصلة إلى المحلة ، وقد تقدم غير مرة .

وجملة { قل تمتعوا } مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن المخاطب ب { ألم تر إلى الذين بدلوا } إذا علِم هذه الأحوال يتساءل عن الجزاء المناسب لجرمهم وكيف تركهم الله يرفلون في النعيم ، فأجيب بأنهم يصيرون إلى النار ، أي يموتون فيصيرون إلى العذاب .

وأُمر بأن يبلغهم ذلك لأنهم كانوا يزدهون بأنهم في تنعم وسيادة ، وهذا كقوله : { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد } في سورة آل عمران ( 196 ، 197 ) .