الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِۦۗ قُلۡ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمۡ إِلَى ٱلنَّارِ} (30)

قوله تعالى : { لِّيُضِلُّواْ } : قرأ ابن كثير وأبو عمرو هنا : { وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً لِّيَضِلُّواْ } بفتح الياء ، والباقون بضمِّها ، مِنْ " أَضَلَّه " . واللامُ هي لامُ الجرِّ مضمرةً " أنْ " بعدها ، وهي لامُ العاقبةِ لمَّا كان مآلُهم إلى كذلك . ويجوز أن تكونَ للتعليل . وقيل : هي مع فتحِ الياءِ للعاقبةِ فقط ، ومع ضمِّها محتملةٌ للوجهين ، كأنَّ هذا القائلَ تَوَهَّم أنهم لم يجعلوا الأندادَ لضلالِهم ، وليس كما زَعَم ؛ لأنَّ منهم مَنْ كفر عناداً ، واتخذ الآلهةَ ليضلَّ بنفسِه .

قوله : { فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ } " إلى النارِ " خبرُ " إنَّ " . و " المصير " مصدرٌ ل صار التامة ، أي : فإنَّ مرجعَكم كائن إلى النار . وأجاز الحوفيُّ أَنْ يتعلقَ " إلى النار " ب " مصيرَكم " . وقد ردَّ هذا بعضُهم بأنه لو جعلناه مصدراً صار بمعنى انتقل ، و " إلى النار " متعلقٌ به ، بقيَتْ " إنَّ " بلا خبر ، لا يقال : خبرُها حينئذ محذوفٌ ؛ لأنَّ حَذْفَه في مثل هذا يَقِلُّ ، وإنما يكثرُ حَذْفُه إذا كان الاسمُ نكرةً : والخبرُ ظرفاً أو جارَّاً كقوله :

إنَّ مَحَلاًّ وإنْ مُرْتَحَلا *** وإنَّ في السَّفْرِ ما مَضَى مَهَلا