اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِۦۗ قُلۡ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمۡ إِلَى ٱلنَّارِ} (30)

قوله : { وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً لِيُضِلُّواْ } والمراد بهذا الجعل : الحم والاعتقاد ، والفعل ، والأنداد الأشباه ، والشركاء .

" لِيُضلُّوا " قرأ ابن كثير{[19281]} وأبو عمرو هنا : { وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ } بفتح الياءِ والباقون بضمها من أصله ، واللام هي لام الجر مضمرة : " أنْ " بعدها ، وهي لام العاقبة لما كان مآلهم إلى ذلك ويجز أن تكون للتعليل .

وقيل : هي مع فتح الياء للعاقبة فقط ، ومع ضمها محتملة للوجهين كأنَّ هذا القائل توهم أنهم لم يجعلوا الأنداد لضلالهم ، وليس كما زعم ، لأن منهم من كفر عناداً واتخذ الآلهة ليضل بنفسه .

قوله تعالى : { قُلْ تَمَتَّعُواْ } عيشوا في الدنيا : { فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النار } { إِلَى النار } خبر " إنَّ " : والمصير مصدر ، و " صَارَ " التامة ، أي : فإنَّ مرجعكم كائن إلى النَّار .

وأجاز الحوفيُّ أن يتعلق { إِلَى النار } ب " مَصِيرَكُمْ " .

وقد ردَّ هذا بعضهم : بأنَّه لو جعلناه مصدراً صَارَ بمعنى انتقل ، و{ إِلَى النار } متعلق به ، بقيت " إنَّ " بلا خبر ، لا يقال : خبرها حينئذ محذوف ؛ لأنَّ حذفه في مثل هذا يقلُّ ، وإنَّما يكثر حذفه إذا كان الاسم نكرة ، والخبر ظرفاً أو جارًّا ، كقوله : [ المنسرح ]

إنَّ مَحَلاًّ وإنَّ مُرْتَحَلاَ *** وإنَّ في السَّفْرِ ما مضَى مَهَلا{[19282]}


[19281]:ينظر: حجة القراءات 378 والإتحاف 2/169 والمحرر الوجيز 3/338، والبحر المحيط 5/414 والدر المصون 4/268.
[19282]:البيت للأعشى. ينظر: ديوانه (155) ، الكتاب 1/284، المقتضب 4/130، الخصائص 2/273، المحتسب 1/349، دلائل الإعجاز /210، أمالي ابن الشجري 1/322، ابن يعيش 1/30، 8/74، المقرب 20، الخزانة 4/381، مغني اللبيب 82، شرح شواهد المغني 2/161، الهمع 1/136، الدرر 1/113، الدر المصون 4/269، سر صناعة الإعراب 2/571، حاشية يس 1/169، الشعر والشعراء ص 75، لسان العرب (رحل)، الأشباه والنظائر 2/329، أمالي ابن الحاجب 1/345، رصف المعاني ص 298، الصاحبي في فقه اللغة ص 130، الدر المصون 4/269.