{ وجعلوا الله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار }
النوع الثالث : من أعمالهم القبيحة قوله : { وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : أنه تعالى لما حكى عنهم أنهم بدلوا نعمة الله كفرا ذكر أنهم بعد أن كفروا بالله جعلوا له أندادا ، والمراد من هذا الجعل الحكم والاعتقاد والقول ، والمراد من الأنداد الأشباه والشركاء ، وهذا الشريك يحتمل وجوها : أحدها : أنهم جعلوا للأصنام حظا فيما أنعم الله به عليهم نحو قولهم هذا لله وهذا لشركائنا . وثانيها : أنهم شركوا بين الأصنام وبين خالق العالم في العبودية . وثالثها : أنهم كانوا يصرحون بإثبات الشركاء لله وهو قولهم في الحج : لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك .
المسألة الثانية : قرأ ابن كثير وأبو عمرو { ليضلوا } بفتح الياء من ضل يضل . والباقون بضم الياء من أضل غيره يضل .
المسألة الثالثة : اللام في قوله : { ليضلوا عن سبيله } لام العاقبة لأن عبادة الأوثان سبب يؤدي إلى الضلال ويحتمل أن تكون لام كي ، أي الذين اتخذوا الوثن كي يضلوا غيرهم هذا إذا قرئ بالضم فإنه يحتمل الوجهين ، وإذا قرئ بالنصب فلا يحتمل إلا لام العاقبة لأنهم لم يريدوا ضلال أنفسهم . وتحقيق القول في لام العاقبة أن المقصود من الشيء لا يحصل إلا في آخر المراتب كما قيل أول الفكر آخر العمل . وكل ما حصل في العاقبة كان شبيها بالأمر المقصود في هذا المعنى ، والمشابهة أحد الأمور المصححة لحسن المجاز ، فلهذا السبب حسن ذكر اللام في العاقبة ، ولما حكى الله تعالى عنهم هذه الأنواع الثلاثة من الأعمال القبيحة قال : { قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار } والمراد أن حال الكافر في الدنيا كيف كانت ، فإنها بالنسبة إلى ما سيصل إليه من العقاب في الآخرة تمتع ونعيم ، فلهذا المعنى قال : { قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار } وأيضا إن هذا الخطاب مع الذين حكى الله عنهم أنهم بدلوا نعمة الله كفرا ، فأولئك كانوا في الدنيا في نعم كثيرة فلا جرم حسن قوله تعالى : { قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار } وهذا الأمر يسمى أمر التهديد ونظيره قوله تعالى : { اعملوا ما شئتم } وكقوله : { قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.