73- فقلنا لكم على لسان موسى : اضربوا القتيل بجزء من هذه البقرة ، ففعلتم : فأحيا الله القتيل وذكر اسم قاتله ، ثم سقط ميتاً ، وكانت معجزة من الله لموسى{[3]} .
لأن الله قادر على كل شيء ، وبقدرته هذه يحيى الموتى يوم القيامة ، ويريكم دلائل قدرته لعلكم تعقلونها وتعتبرون بها .
ولكن . فيم كانت هذه الوسيلة ، والله قادر على أن يحيي الموتى بلا وسيلة ؟ ثم ما مناسبة البقرة المذبوحة مع القتيل المبعوث ؟
إن البقر يذبح قربانا كما كانت عادة بني إسرائيل . . وبضعة من جسد ذبيح ترد بها الحياة إلى جسد قتيل . وما في هذه البضعة حياة ولا قدرة على الأحياء . . إنما هي مجرد وسيلة ظاهرة تكشف لهم عن قدرة الله ، التي لا يعرف البشر كيف تعمل . فهم يشاهدون آثارها ولا يدركون كنهها ولا طريقتها في العمل و : ( كذلك يحيي الله الموتى ) . . كذلك بمثل هذا الذي ترونه واقعا ولا تدرون كيف وقع ؛ وبمثل هذا اليسر الذي لا مشقة فيه ولا عسر .
إن المسافة بين طبيعة الموت وطبيعة الحياة مسافة هائلة تدير الرؤوس . ولكنها في حساب القدرة الإلهية أمر يسير . . كيف ؟ . . هذا ما لا أحد يدريه . وما لا يمكن لأحد إدراكه . . إن إدراك الماهية والكيفية هنا سر من أسرار الألوهية ، لا سبيل إليه في عالم الفانين ! وإن يكن في طوق العقل البشري إدراك دلالته والاتعاظ بها : ( ويريكم آياته لعلكم تعقلون ) . .
{ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا } هذا البعض أيُّ شيء كان من أعضاء هذه البقرة فالمعجزة حاصلة به .
وخرق العادة به كائن ، وقد كان معينا في نفس الأمر ، فلو كان في تعيينه لنا فائدة تعود علينا في أمر الدين أو الدنيا لبينه الله تعالى لنا ، ولكن أبهمه ، ولم يجئ من طريق صحيح عن معصوم بيانه{[1996]} فنحن نبهمه كما أبهمه الله .
ولهذا قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عفَّان بن مسلم ، حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : إن أصحاب بقرة بني إسرائيل طلبوها أربعين سنة حتى وجدوها عند رجل في بقر له ، وكانت بقرة تعجبه ، قال : فجعلوا يعطونه بها فيأبى ، حتى أعطوه ملء مَسْكها دنانير ، فذبحوها ، فضربوه - يعني القتيل - بعضو منها ، فقام تَشْخُب أوداجه دمًا [ فسألوه ]{[1997]} فقالوا له : من قتلك ؟ قال :{[1998]} قتلني فلان{[1999]} .
وكذا قال الحسن ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنه ضرب ببعضها .
وفي رواية عن ابن عباس : إنهم ضربوه بالعظم الذي يلي الغضروف .
وقال عبد الرزاق : أنبأنا مَعْمَر ، قال : قال أيوب ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة : ضربوا القتيل ببعض لحمها . وقال معمر : قال قتادة : فضربوه بلحم فخذها فعاش ، فقال : قتلني فلان .
وقال أبو أسامة ، عن النضر بن عربي ، عن عكرمة : { فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا } [ قال ]{[2000]} فضرب بفخذها فقام ، فقال : قتلني فلان
قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد ، وقتادة ، نحو ذلك .
وقال السدي : فضربوه بالبَضْعة التي بين الكتفين فعاش ، فسألوه ، فقال : قتلني ابن أخي .
وقال أبو العالية : أمرهم موسى ، عليه السلام ، أن يأخذوا عظمًا من عظامها ، فيضربوا به القتيل ، ففعلوا ، فرجع إليه روحه ، فسمى لهم قاتله ثم عاد ميتا كما كان .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : فضربوه ببعض آرابها [ وقيل : بلسانها ، وقيل : بعجب ذنبها ]{[2001]} .
وقوله : { كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى } أي : فضربوه فحيى . ونَبَّه تعالى على قدرته وإحيائه الموتى بما شاهدوه من أمر القتيل : جعل تبارك وتعالى ذلك الصنع حجة لهم على المعاد ، وفاصلا ما كان بينهم من الخصومة والفساد{[2002]} ، والله تعالى قد ذكر في هذه السورة ما خلقه في{[2003]} إحياء الموتى ، في خمسة مواضع : { ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ } [ البقرة : 56 ] . وهذه القصة ، وقصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت ، وقصة الذي مرَّ على قرية وهي خاوية على عروشها ، وقصة إبراهيم والطيور الأربعة .
ونبه تعالى بإحياء الأرض بعد موتها على إعادة الأجسام بعد صيرورتها{[2004]} رميما ، كما قال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة ، أخبرني يعلى بن عطاء ، قال : سمعت وَكِيع بن عُدُس ، يحدث عن أبي رَزِين العُقَيلي ، قال : قلت : يا رسول الله ، كيف يحيي الله الموتى ؟ قال : " أما مررت بواد مُمْحِل ، ثم مررت به خَضِرًا ؟ " قال : بلى . قال : " كذلك النشور " . أو قال : " كذلك يحيي الله الموتى " {[2005]} . وشاهد هذا قوله تعالى : { وَآيَةٌ لَهُمُ الأرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُون لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ } [ يس : 33 - 35 ] .
مسألة : استدل لمذهب مالك في كون قول الجريح : فلان قتلني لوثًا بهذه القصة ؛ لأن القتيل لما حيي سئل عمن قتله فقال : قتلني فلان ، فكان ذلك مقبولا منه ؛ لأنه لا يخبر حينئذ إلا بالحق ، ولا يتهم والحالة هذه ، ورجحوا ذلك بحديث أنس : أن يهوديًا قتل جارية على أوضاح لها ، فرضخ رأسها بين حجرين فقيل : من فعل بك هذا ؟ أفلان ؟ أفلان ؟ حتى ذكر اليهودي ، فأومأت برأسها ، فأخذ اليهودي ، فلم يزل به حتى اعترف ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد رأسه بين حجرين{[2006]} وعند مالك : إذا كان لوثًا حلف أولياء القتيل قسامة ، وخالف الجمهور في ذلك ولم يجعلوا قول القتيل في ذلك لوثًا .
{ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَىَ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ }
يعني جل ذكره بقوله : فَقُلْنا لقوم موسى الذين ادّارءوا في القتيل الذي قد تقدم وصفنا أمره : اضربوا القتيل . والهاء التي في قوله : اضْرِبُوهُ من ذكر القتيل ببعضها أي ببعض البقرة التي أمرهم الله بذبحها فذبحوها .
ثم اختلف العلماء في البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة وأيّ عضو كان ذلك منها ، فقال بعضهم : ضرب بفخذ البقرة القتيل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : ضرب بفخذ البقرة ، فقام حيا ، فقال : قتلني فلان ثم عاد في ميتته .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : ضرب بفخذ البقرة ، ثم ذكر مثله .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا جرير بن نوح ، عن النضر بن عربي ، عن عكرمة : فقلنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها قال : بفخذها فلما ضرب بها عاش وقال : قتلني فلان ثم عاد إلى حاله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن خالد بن يزيد ، عن مجاهد ، قال : ضرب بفخذها الرجل فقام حيا ، فقال : قتلني فلان ، ثم عاد في ميتته .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الزراق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : قال أيوب عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، ضربوا المقتول ببعض لحمها . وقال معمر عن قتادة : ضربوه بلحم الفخذ فعاش ، فقال : قتلني فلان .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أنهم ضربوه بفخذها فأحياه الله ، فأنبأ بقاتله الذي قتله وتكلم ، ثم مات .
وقال آخرون : الذي ضرب به منها هو البَضْعة التي بين الكتفين . ذكر من قال ذلك :
حدثني موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش ، فسألوه : من قتلك ؟ فقال لهم : ابن أخي .
وقال آخرون : الذي أمروا أن يضربوه به منها عظم من عظامها . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : أمرهم موسى أن يأخذوا عظما منها فيضربوا به القتيل ففعلوا ، فرجع إليه روحه ، فسمى لهم قاتله ثم عاد ميتا كما كان . فأخذ قاتله وهو الذي أتى موسى فشكا إليه فقتله الله على سوء عمله . وقال آخرون بما :
حدثني به يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : ضربوا الميت ببعض آرابها ، فإذا هو قاعد ، قالوا : من قتلك ؟ قال : ابن أخي . قال : وكان قتله وطرحه على ذلك السبط ، أراد أن يأخذ ديته .
والصواب من القول في تأويل قوله عندنا : فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا أن يقال : أمرهم الله جل ثناؤه أن يضربوا القتيل ببعض البقرة ليحيا المضروب . ولا دلالة في الآية ولا خبر تقوم به حجة على أيّ أبعاضها التي أمر القوم أن يضربوا القتيل به . وجائز أن يكون الذي أمروا أن يضربوه به هو الفخذ ، وجائز أن يكون ذلك الذنب وغضروف الكتف وغير ذلك من أبعاضها . ولا يضرّ الجهل بأيّ ذلك ضربوا القتيل ، ولا ينفع العلم به مع الإقرار بأن القوم قد ضربوا القتيل ببعض البقرة بعد ذبحها ، فأحياه الله .
فإن قال قائل : وما كان معنى الأمر بضرب القتيل ببعضها ؟ قيل : ليحيا فينبىء نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم والذين ادّارءوا فيه من قاتله .
فإن قال قائل : وأين الخبر عن أن الله جل ثناؤه أمرهم بذلك لذلك ؟ قيل : ترك ذلك اكتفاءً بدلالة ما ذكر من الكلام الدال عليه نحو الذي ذكرنا من نظائر ذلك فيما مضى . ومعنى الكلام : فقلنا : اضربوه ببعضها ليحيا ، فضربوه فحيي كما قال جل ثناؤه : أنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البَحْرَ فَانْفَلَقَ والمعنى : فضرب فانفلق . يدل على ذلك قوله : كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ المَوْتَى ويُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ .
القول في تأويل قوله تعالى : كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ المَوْتَى .
وقوله : كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ المَوْتَى مخاطبة من الله عباده المؤمنين ، واحتجاج منه على المشركين المكذّبين بالبعث ، وأمرهم بالاعتبار بما كان منه جل ثناؤه من إحياء قتيل بني إسرائيل بعد مماته في الدنيا ، فقال لهم تعالى ذكره : أيها المكذّبون بالبعث بعد الممات ، اعتبروا بإحيائي هذا القتيل بعد مماته ، فإني كما أحييته في الدنيا فكذلك أحيي الموتى بعد مماتهم ، فأبعثهم يوم البعث ، فإنما احتجّ جل ذكره بذلك على مشركي العرب وهم قوم أُمّيون لا كتاب لهم ، لأن الذين كانوا يعلمون علم ذلك من بني إسرائيل كانوا بين أظهرهم وفيهم نزلت هذه الآيات ، فأخبرهم جل ذكره بذلك ليتعرّفوا علم من قبلهم .
القول في تأويل قوله تعالى : وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ .
يعني جل ذكره : ويريكم الله أيها الكافرون المكذّبون بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله من آياته ، وآياته : أعلامه وحججه الدالة على نبوّته لتعقلوا وتفهموا أنه محقّ صادق فتؤمنوا به وتتبعوه .
{ فقلنا اضربوه } عطف على ادارأتم وما بينها اعتراض ، والضمير للنفس والتذكير على تأويل الشخص أو القتيل { ببعضها } أي بعض كان وقيل : بأصغريها . وقيل بلسانها . وقيل بفخذها اليمنى وقيل بالأذن . وقيل بالعجب { كذلك يحيي الله الموتى } يدل على ما حذف وهو فضربوه فحيي ، والخطاب مع من حضر حياة القتيل ، أو نزول الآية { ويريكم آياته } دلائله على كمال قدرته .
{ لعلكم تعقلون } لكي يكمل عقلكم وتعلموا أن من قدر على إحياء نفس قدر على إحياء الأنفس كلها ، أو تعملوا على قضيته . ولعله تعالى إنما لم يحيه ابتداء وشرط فيه ما شرط لما فيه من التقرب وأداء الواجب ، ونفع اليتيم والتنبيه على بركة التوكل والشفقة على الأولاد ، وأن من حق الطالب أن يقدم قربة ، والمتقرب أن يتحرى الأحسن ويغالي بثمنه ، كما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه ضحى بنجيبة اشتراها بثلاثمائة دينار . وأن المؤثر في الحقيقة هو الله تعالى ، والأسباب أمارات لا إثر لها ، وأن من أراد أن يعرف أعدى عدوه الساعي في إماتته الموت الحقيقي ، فطريقه أن يذبح بقرة نفسه التي هي القوة الشهوية حين زال عنها شره الصبا ، ولم يلحقها ضعف الكبر ، وكانت معجبة رائقة المنظر غير مذللة في طلب الدنيا ، مسلمة عن دنسها لا سمة بها من مقابحها بحيث يصل أثره إلى نفسه فتحيا حياة طيبا ، وتعرب عما به ينكشف الحال ، ويرتفع ما بين العقل والوهم من التدارؤ والنزاع .
قوله : { كذلك يحي الله الموتى } الإشارة إلى محذوف للإيجاز أي فضربوه فحيي فأخبر بمن قتله أي كذلك الإحياء يحي الله الموتى فالتشبيه في التحقق وإن كانت كيفية المشبه أقوى وأعظم لأنها حياة عن عدم بخلاف هاته فالمقصد من التشبيه بيان إمكان المشبه كقول المتنبي :
فإن تفق الأنام وأنت منهم *** فإن المسك بعض دم الغزال
وقوله : { كذلك يحي الله الموتى } من بقية المقول لبني إسرائيل فيتعين أن يقدر وقلنا لهم كذلك يحي الله الموتى لأن الإشارة لشيء مشاهد لهم وليس هو اعتراضاً أريد به مخاطبة الأمة الإسلامية لأنهم لم يشاهدوا ذلك الإحياء حتى يشبه به إحياء الله الموتى .
وقوله : { لعلكم تعقلون } رجاء لأن يعقلوا فلم يبلغ الظن بهم مبلغ القطع مع هذه الدلائل كلها .
وقد جرت عادة فقهائنا أن يحتجوا بهذه الآية على مشروعية اعتبار قول المقتول : دمي عند فلان موجباً للقسامة ويجعلون الاحتجاج بها لذلك متفرعاً على الاحتجاج بشرع من قبلنا ، وفي ذلك تنبيه على أن محل الاستدلال بهذه الآية على مشروعية ذلك هو أن إحياء الميت لم يقصد منه إلاَّ سماع قوله فدل على أن قول المقتول كان معتبراً في أمر الدماء . والتوراة قد أجملت أمر الدماء إجمالاً شديداً في قصة ذبح البقرة التي قدمناها ، نعم إن الآية لا تدل على وقوع القسامة مع قول المقتول ولكنها تدل على اعتبار قول المقتول سبباً من أسباب القصاص ، ولما كان الظن بتلك الشريعة أن لا يقتل أحد بمجرد الدعوى من المطعون تعين أن هنالك شيئاً تقوى به الدعوى وهو القسامة .
وقد أورد على احتجاج المالكية بها أن هذا من خوارق العادات وهي لا تفيد أحكاماً وأجاب ابن العربي بأن المعجزة في إحياء الميت فلما حيي صار كلامه ككلام سائر الأحياء ، وهو جواب لطيف لكنه غير قاطع .
والخلاف في القضاء بالقسامة إثباتاً ونفياً وفي مقدار القضاء بها مبسوط في كتب الفقه وقد تقصاه القرطبي وليس من أغراض الآية .