الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَقُلۡنَا ٱضۡرِبُوهُ بِبَعۡضِهَاۚ كَذَٰلِكَ يُحۡيِ ٱللَّهُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (73)

قوله تعالى : { كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ } : " كذلك " في محلِّ نصب لأنه نعتٌ لمصدرٍ محذوف تقديرُه : يُحْيي الله الموتى إحياءً مثلَ ذلك الإِحياءِ ، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ ، أي إحياءً كائناً كذلك الإِحياءِ ، أو لأنه حالٌ من المصدرِ المعرَّفِ ، أي : ويريكم الإِراءةَ حالَ كونِها مُشْبِهةً ذلك الإِحياءَ ، وقد تقدَّم أنه مذهبُ سيبويه ، والموتى جمع " مَيِّت " وقد تقدَّم .

قوله : { وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ } الرؤيةُ هنا بَصَريَّةٌ فالهمزةُ للتعديةِ أَكْسَبَتِ الفعلَ مفعولاً ثانياً ، وهو " آياتِه ، والمعنى : يَجْعلكم مُبْصِرينَ آياتِه . و " كم " هو المفعولُ الأولُ ، وأصلُ يُريكم : يُأَرْإيكم ، فَحُذِفَت همزةَ أَفْعل في المضارعةِ لِما تقدَّم في " يُؤْمنون " وبابه ، فبقي يُرئيكم ، فَنُقِلت حركةُ الهمزة على الراءِ ، وحُذِفَتِ الهمزةُ تخفيفاً ، وهو نقل لازمٌ في مادةِ " رأى " وبابِه دون غيره ممَّا عينُه همزةٌ نحو : نَأَى يَنْأَى ، ولا يجوز عدمُ النقلِ في رأى وبابِه إلا ضرورةً كقوله :

أُري عَيْنَيَّ ما لم تَرْأَياهُ *** كِلانا عالمٌ بالتُّرَّهاتِ