حطاما : فتاتا ، من حطم الشيء يحطمه حطما .
فظلتم : فظللتم ، أي : فبقيتم ودمتم .
تفكهون : تتفكهون ، بمعنى تتعجبون من سوء حاله وتندمون ، وأصل التفكه : التنقل بصنوف الفاكهة ، وقد استعير للتنقل بالحديث .
65 ، 66 ، 67 - { لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } .
لو أردنا لجعلنا هذا النبات هشيما متكسّرا ، قبل استوائه وبلوغه مرحلة الحصاد .
فمكثتم تتعجّبون أو تندمون على ما أنفقتم على الزرع من الحرث والبذر من غير حصول نفع أو نضوج ثمره .
وقريب من ذلك قوله تعالى : { فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا } . ( الكهف : 42 ) .
وأصل التفكّه : التنقل بصنوف الفاكهة ، واستعير للتنقل بألوان الحديث ، وهو هنا ما يكون بعد هلاك الزرع ، وقد كُني في الآية عن التعجب ، أو الندم ، أو التلاوم .
{ لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون } أي لجعلنا ذلك الزرع متكسرا متفتتا لشدة يبسه ، لا نفع فيه بعد ما أنبتناه ؛ فأنتم بسبب ذلك تتعجبون من سوء حاله بعد خضرته ونضارته . أو تندمون على ما تعبتم فيه وأنفقتم عليه من غير طائل . وأصل التفكه : التنقل بصنوف الفاكهة ، ثم استعير للتنقل بالحديث ؛ وهو هنا ما يكون بعد هلاك الزرع ، وكنى به في الآية عن التعجب أو الندم .
فقال : { لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ } أي : الزرع المحروث وما فيه من الثمار { حُطَامًا } أي : فتاتا متحطما ، لا نفع فيه ولا رزق ، { فَظَلْتُمْ } أي : فصرتم بسبب جعله حطاما ، بعد أن تعبتم فيه وأنفقتم النفقات الكثيرة { تَفَكَّهُونَ } أي : تندمون وتحسرون على ما أصابكم ، ويزول بذلك فرحكم وسروركم وتفكهكم ، فتقولون :
قوله تعالى : { لو نشاء لجعلناه حطاماً } قال عطاء : تبناً لا قمح فيه ، وقيل : هشيماً لا ينتفع به في مطعم وغذاء ، { فظلتم } وأصله : فظللتم ، حذفت إحدى اللامين تخفيفاً . { تفكهون } تتعجبون بما نزل بكم في زرعكم ، وهو قول عطاء والكلبي ومقاتل . وقيل تندمون على نفقاتكم ، وهو قول يمان ، نظيره : { فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها }( الكهف- 42 ) ، وقال الحسن : تندمون على ما سلف منكم من المعصية التي أوجبت تلك العقوبة . وقال عكرمة : تتلاومون . وقال ابن كيسان : تحزنون . قال الكسائي : هو تلهف على ما فات ، وهو من الأضداد ، تقول العرب : تفكهت أي : تنعمت وتفكهت أي : حزنت .
ثم قال " لو نشاء لجعلناه حطاما " أي متكسرا يعني الزرع . والحطام الهشيم الهالك الذي لا ينتفع به في مطعم ولا غذاء ، فنبه بذلك أيضا على أمرين : أحدهما : ما أولاهم به من النعم في زرعهم إذ لم يجعله حطاما ليشكروه . الثاني : ليعتبروا بذلك في أنفسهم ، كما أنه يجعل الزرع حطاما إذا شاء وكذلك يهلكهم إذا شاء ليتعظوا فينزجروا . " فظللتم تتفكهون " أي تعجبون بذهابها وتندمون مما حل بكم ، قاله الحسن وقتادة وغيرهما . وفي الصحاح : وتفكه أي تعجب ، ويقال : تندم ، قال الله تعالى : " فظلتم تفكهون " أي تندمون . وتفكهت بالشيء تمتعت به . وقال يمان : تندمون على نفقاتكم ، دليله : " فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها{[14664]} " [ الكهف : 42 ] وقال عكرمة : تلاومون وتندمون على ما سلف منكم من معصية الله التي أوجبت عقوبتكم حتى نالتكم في زرعكم . ابن كيسان : تحزنون ، والمعنى متقارب . وفيه لغتان : تفكهون وتفكنون : قال الفراء : والنون لغة عكل . وفي الصحاح : التفكن التندم على ما فات . وقيل : التفكه التكلم فيما لا يعنيك ، ومنه قيل للمزاج فكاهة بالضم ، فأما الفكاهة بالفتح فمصدر فكه الرجل بالكسر فهو فكه إذا كان طيب النفس مزاحا . وقراءة العامة " فظلتم " بفتح الظاء . وقرأ عبدالله " فظلتم " بكسر الظاء ورواها هارون عن حسين عن أبي بكر . فمن فتح فعلى الأصل . والأصل ظللتم فحذف اللام الأولى تخفيفا ، ومن كسر نقل كسرة اللام الأولى إلى الظاء ثم حذفها .
{ لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون } الحطام اليابس المفتت وقيل : معناه تبن بلا قمح .
{ فظلتم تفكهون } أي : تطرحون الفاكهة وهي المسرة يقال : رجل فكه إذا كان مسرورا منبسط النفس ويقال : تفكه إذا زالت عنه الفكاهة فصار حزينا لأن صيغة تفاعل تأتي لزوال الشيء كقولهم : تحرج وتأثم إذا زال عنه الحرج والإثم فالمعنى : صرتم تحزنون على الزرع لو جعله الله حطاما وقد عبر بعضهم عن { تفكهون } بأن معناه : تتفجعون وقيل : تندمون وقيل : تعجبون وهذه معان متقاربة والأصل ما ذكرنا .