وعند هذا المقطع يشير إلى الطريق الآخر الذي لا يضل سالكوه ، وإلى الأفق الآخر الذي لا يخيب قاصدوه . .
( فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله . يومئذ يصدعون . من كفر فعليه كفره ؛ ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون . ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله . إنه لا يحب الكافرين ) .
والصورة التي يعبر بها عن الاتجاه إلى الدين القيم صورة موحية معبرة عن كمال الاتجاه ، وجديته ، واستقامته :
( فأقم وجهك للدين القيم ) . . وفيها الاهتمام والانتباه والتطلع ، واستشراف الوجهة السامية والأفق العالي والاتجاه السديد .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينَ الْقِيّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاّ مَرَدّ لَهُ مِنَ اللّهِ يَوْمَئِذٍ يَصّدّعُونَ } .
يقول تعالى ذكره : فوجّه وجْهَك يا محمد نحوَ الوجه الذي وجّهك إليه ربك للدّينِ القَيّمِ لطاعة ربك ، والمِلةِ المستقيمةِ التي لا اعوجاج فيها عن الحقّ مِنْ قَبْلِ أنْ يَأتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدّ لَهُ مِنَ اللّهِ يقول تعالى ذكره : من قبل مجيءِ يومٍ من أيام الله لا مردّ له لمجيئه ، لأن الله قد قضى بمجيئه فهو لا محالة جاء يَوْمَئِذٍ يَصّدّعُونَ يقول : يوم يجيء ذلك اليومُ يصدّع الناسُ ، يقول : يتفرّق الناس فرقتين من قولهم : صَدَعتُ الغنم صدعتين : إذا فرقتها فرقتين : فريق في الجنة ، وفريق في السعير . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : فَأقِمْ وَجْهَكَ للدّينِ القَيّمِ الإسلام مِنْ قَبْلِ أنْ يَأَتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدّ لَهُ مِنَ اللّهِ يَوْمَئِذٍ يَصّدّعُونَ فريق في الجنة ، وفريق في السعير .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله يَوْمَئِذٍ يَصّدّعُونَ يقول : يتفرّقون .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله يَصّدّعُونَ قال : يتفرّقون إلى الجنة ، وإلى النار .
{ فأقم وجهك للدين القيم } البليغ الاستقامة . { من قبل أن يأتي يوم لا مرد له } لا يقدر أن يرده أحد ، وقوله : { من الله } متعلق ب { يأتي } ، ويجوز أن يتعلق ب { مرد } لأنه مصدر على معنى لا يرده الله لتعلق إرادته القديمة بمجيئه . { يومئذ يصدعون } يتصدعون أي يتفرقون { فريق في الجنة وفريق في السعير } كما قال : { من كفر فعليه كفره } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.