المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَئِسۡ بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (36)

36- وأوحى الله إلى نوح : أنه لن يصدّقك ويذعن للحق من قومك أحد بعد الآن - غير من سبق منه الإيمان قبل ذلك - فلا تحزن يا نوح بسبب ما كانوا يفعلونه معك من تكذيبك وإيذائك ؛ لأننا سننتقم منهم قريباً .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَئِسۡ بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (36)

25

ثم يمضي السياق في قصة نوح ؛ يعرض مشهدا ثانيا . مشهد نوح يتلقى وحي ربه وأمره :

وأوحي إلى نوح انه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن . فلا تبتئس بما كانوا يفعلون ، واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ، ولا تخاطبني في الذين ظلموا ، إنهم مغرقون . .

فقد انتهى الإنذار ، وانتهت الدعوة ، وانتهى الجدل !

( وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ) . .

فالقلوب المستعدة للإيمان قد آمنت ، أما البقية فليس فيها استعداد ولا اتجاه . هكذا أوحى الله إلى نوح ، وهو أعلم بعباده ، وأعلم بالممكن والممتنع ، فلم يبق مجال للمضي في دعوة لا تفيد . ولا عليك مما كانوا يفعلونه من كفر وتكذيب وتحد واستهزاء :

( فلا تبتئس بما كانوا يفعلون ) . .

أى لا تحس بالبؤس والقلق ، ولا تحفل ولا تهتم بهذا الذي كان منهم ، لا على نفسك فما هم بضاريك بشيء ، ولا عليهم فإنهم لا خير فيهم .

دع أمرهم فقد انتهى . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَئِسۡ بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (36)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَأُوحِيَ إِلَىَ نُوحٍ أَنّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وأَوْحَى الله إلى نوح لما حقّ على قومه القول ، وأظلهم أمر الله ، أنّهُ لَنْ يُؤْمِنُ : يا نوح بالله فيوحده ويتبعك على ما تدعوه إليه مِنْ قَوْمِكَ إلاّ مَنْ قَدْ آمَن فصدّق بذلك واتبعك . فَلا تَبْتَئِسْ يقول : فلا تستِكنْ ولا تحزن بما كانوا يفعلون ، فإني مهلكهم ومنقذك منهم ومَنِ اتبعك . وأوحي الله ذلك إليه بعد ما دعا عليهم نوح بالهلاك ، فقال : رَبّ لا تَذَرْ على الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارا وهو تفتعل من البؤس ، يقال : ابتأس فلان بالأمر يبتئس ابتئاسا ، كما قال لبيد بن ربيعة :

فِي مَأْتَمٍ كَنِعاجِ صَا *** رَةَ يَبْتَئِسْنَ بِمَا لَقِينا

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فَلا تَبْتَئِسْ قال : لا تحزن .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كانُوا يَفْعَلُونَ يقول : فلا تحزن .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كانُوا يَفْعَلُونَ قال : لا تَأْسَ ولا تحزن .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وأُوحِيَ إلى نُوحٍ أنّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلاّ مَنْ قَدْ آمَنَ وذلك حين دعا عليهم قالَ رَبّ لا تَذَرْ على الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارا . قوله : فَلا تَبْتَئِسْ يقول : فلا تأس ولا تحزن .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمكَ إلاّ مَنْ قَدْ آمَنَ فحينئذ دعا على قومه لما بين الله له أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن .