الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَئِسۡ بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (36)

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله { وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن } وذلك حين دعا عليهم نوح عليه السلام { وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً } [ نوح : 26 ] .

وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت عليه الآية { وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن } فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم فدعا عليهم .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال : لما استنقذ الله من أصلاب الرجال وأرحام النساء كل مؤمن ومؤمنة قال : يا نوح { أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن } .

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن نوحاً عليه السلام كان يضرب ثم يلف في لبد فيلقى في بيته ، يرون أنه قد مات ثم يخرج فيدعوهم ، حتى إذا أيس من إيمان قومه جاءه رجل ومعه ابنه وهو يتوكأ على عصا فقال : يا بني أنظر هذا الشيخ لا يغرنك . قال : يا أبت أمكني من العصا ، ثم أخذ العصا ثم قال : ضعني في الأرض . فوضعه فمشى إليه فضربه فشجه موضحة في رأسه وسالت الدماء ، قال نوح عليه السلام : رب قد ترى ما يفعل بي عبادك ، فإن يكن لك في عبادك حاجة فاهدهم ، وإن يكن غير ذلك فصبرني إلى أن تحكم وأنت خير الحاكمين . فأوحى الله إليه وآيسه من إيمان قومه ، وأخبره أنه لم يبق في أصلاب الرجال ولا في أرحام النساء مؤمن قال { وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون } يعني لا تحزن عليهم { واصنع الفلك } [ هود : 37 ] قال : يا رب وما الفلك ؟ قال : بيت من خشب يجري على وجه الماء ، فأغرق أهل معصيتي وأطهر أرضي منهم . قال : يا رب وأين الماء ؟ قال : إني على ما أشاء قدير .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { فلا تبتئس } قال : فلا تحزن .