وقوله تعالى : ( وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ ) قال بعضهم : إن نوحا عليه السلام لم يدع على قومه بالهلاك ما دام يرجو ، ويطمع من قومه الإيمان ، فإذا أيس ، وانقطع رجاؤه فحينئذ دعا عليهم بالهلاك بقوله[ في الأصل وم : كقوله ] : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) أي أحدا ( إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ) الآية[ النوح : 26-27 ] وعرف الإياس من إيمانهم بقوله : ( وأوحي إلى نوح ) الآية ، وكذلك سائر الأنبياء والرسل لم يؤذن لهم بالدعاء على قومهم بالهلاك والخروج من بين أظهرهم ما داموا يرجون ، ويطمعون منهم الإيمان والإجابة لهم ، وانقطع رجاؤهم وطمعهم عن ذلك . فعند ذلك إذن لهم بالدعاء عليهم بالهلاك والخروج من بين أظهرهم .
وفي قوله : ( لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ ) دلالة أن للإيمان حكم التجدد والابتداء في كل وقت وكل حال لأنه أخبر أن الذي قد آمن قد يؤمن في حادث الوقت . وعلى ذلك تخرج الزيادات التي ذكرت في الإيمان [ كقوله ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( فزادتهم إيمانا )[ التوبة : 124 ] ونحوه ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) قيل : لا تحزن بما كانوا يفعلون . فهو يحتمل وجهين :
أحدهما : لا تحزن بكفرهم بالله وتكذيبهم إياك ، ليس على النهي عن الحزن في ذلك ، ولكن على دفع الحزن عنه والتسلي به لأن الأنبياء عليهم السلام كانوا يحزنون بكفر قومهم بالله وجعلهم أنفسهم أعداء له كقوله : ( فلعلك باخع نفسك )الآية[ الكهف : 6 والشعراء : 3 ] وقوله : ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات )[ فاطر : 8 ] وأمثاله .
كان الأنبياء عليهم السلام أشد الناس حزنا بكفر قومهم بالله وتكذيبهم آياته وأشدهم رغبة في إيمانهم ، وكان حزنهم لم يكن على هلاكهم . ألا ترى أن نوحا دعا عليهم بالهلاك ، وكذلك سائر الأنبياء عليهم السلام [ كان حزنهم ][ في الأصل وم : إن حزنهم كان ] لمكان كفرهم بالله وتكذيبهم آياته لا لمكان هلاكهم إشفاقا على أنفسهم ؟
والثاني : قوله : ( فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) يحتمل أنهم كانوا هموا قتله والمكر به ، فقال : لا تحزن بما كانوا يسعون في هلاكك ، فإني كافيهم .
قال أبو عوسجة : قوله : ( فلا تبتئس ) هو من الحزن ؛ يقال : يبتئس ابتئاسا ؛ وقال[ سقطت الواو من الأصل وم ] الكسائي : أيضا ( فلا تبتئس ) أي لا تحزن ؛ هو من اليأس ، يقال : لا تبتئس بهذا الأمر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.