المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِذۡ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَيۡتُهُمۡ لِي سَٰجِدِينَ} (4)

4- من ذلك القصص - أيها النبي - قصة يوسف{[99]} ، إذ قال لأبيه : يا أبت ، إني رأيت في منامي أحد عشر كوكباً ، والشمس والقمر ، رأيتهم جميعاً خاضعين لي ساجدين أمامي .


[99]:يوسف ـ عليه السلام ـ هو ولد يعقوب العبراني الكنعاني وقد بيع في مصر في عهد الغزاة الأجانب الذين يسمون بالهكسوس وهم فيما يبدو ساميون قدموا إلى مصر من بلاد الشام حيث احتلوا دلتا النيل حوالي عام 1730 ق. م. قبل نهاية الأسرة الثالثة عشرة وحكموا مصر حوالي قرن ونصف قرن من الزمان حيث طردوا حوالي عام 1580 ق. م. على يد أحمس الأول مؤسس الأسرة الثامنة عشرة إلى ما وراء الحدود المصرية.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذۡ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَيۡتُهُمۡ لِي سَٰجِدِينَ} (4)

هذه المقدمة إشارة البدء إلى القصة . .

ثم يرفع الستار عن المشهد الأول في الحلقة الأولى ، لنرى يوسف الصبي يقص رؤياه على أبيه :

( إذ قال يوسف لأبيه : يا أبت ، إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر . رأيتهم لي ساجدين . قال : يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك ، فيكيدوا لك كيدا . إن الشيطان للإنسان عدو مبين . وكذلكيجتبيك ربك ، ويعلمك من تأويل الأحاديث ، ويتم نعمته عليك ، وعلى آل يعقوب ، كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق ، إن ربك عليم حكيم ) . .

كان يوسف صبيا أو غلاما ؛ وهذه الرؤيا كما وصفها لأبيه ليست من رؤى الصبية ولا الغلمان ؛ وأقرب ما يراه غلام - حين تكون رؤياه صبيانية أو صدى لما يحلم به - أن يرى هذه الكواكب والشمس والقمر في حجره أو بين يديه يطولها . ولكن يوسف رآها ساجدة له ، متمثلة في صورة العقلاء الذين يحنون رؤوسهم بالسجود تعظيما . والسياق يروى عنه في صيغة الإيضاح المؤكدة :

( إذ قال يوسف لأبيه : يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ) . .

ثم يعيد لفظ رأى :

( رأيتهم لي ساجدين ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِذۡ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَيۡتُهُمۡ لِي سَٰجِدِينَ} (4)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأبِيهِ يَأَبتِ إِنّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإن كنت يا محمد لمن الغافلين عن نبإ يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، إذ قال لأبيه يعقوب بن إسحاق : { يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا } ، يقول : إني رأيت في منامي أحد عشر كوكبا . وقيل : إن رؤيا الأنبياء كانت وحيا .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : { إنّي رأيْتُ أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبا والشّمْسَ والقَمَرَ رأيْتُهُمْ لي ساجِدِينَ } ، قال : كانت رؤيا الأنبياء وحيا .

وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { إنّي رأيْتُ أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبا } ، قال : كانت الرؤيا فيهم وحيا .

وذكر أن الأحد العشر الكواكب التي رآها في منامه ساجدة مع الشمس والقمر ، ما :

حدثني عليّ بن سعيد الكندي ، قال : حدثنا الحكم بن ظهير ، عن السديّ ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر ، قال : أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجل من يهود يقال له بستانة اليهودي ، فقال له : يا محمد أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف ساجدة له ، ما أسماؤها ؟ قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يجبه بشيء ، ونزل عليه جبرئيل ، وأخبره بأسمائها . قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، فقال : «هَلْ أنْتَ مُؤْمِنٌ إنْ أخْبَرْتُكَ بأسْمائها ؟ » ، قال : نعم ، فقال : «جَرْبانُ ، والطّارِقُ ، والذّيّالُ ، وذُو الكَتِفَينِ ، وقابسٌ ، وَوَثّابٌ ، وَعمودَانِ ، والفَلِيقُ ، والمُصْبَحُ ، والضّرُوحُ ، وَذو الفَرْغِ ، والضّياءُ ، والنورُ » . فقال اليهوديّ : والله إنها لأسماؤها .

وقوله : والشّمْسَ والقَمَرَ رأيْتُهُمْ لي ساجِدِينَ يقول : والشمس والقمر رأيتهم في منامي سجودا . وقال ساجِدِين والكواكب والشمس والقمر إنما يخبر عنها بفاعلة وفاعلات ، لا بالواو والنون ، إنما هي علامة جمع أسماء ذكور بني آدم أو الجنّ أو الملائكة . وإنما قيل ذلك كذلك ، لأن السجود من أفعال من يجمع أسماء ذكورهم بالياء والنون ، أو الواو والنون ، فأخرج جمع أسمائها مخرج جمع أسماء من يفعل ذلك ، كما قيل : { يا أيّها النّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ } . وقال : «رأيتهم » ، وقد قيل : { إني رأيت أحد عشر كوكبا } ، فكرّر الفعل ، وذلك على لغة من قال : كلمت أخاك كلمته ، توكيدا للفعل بالتكرير .

وقد قيل : إن الكواكب الأحد عشر كانت إخوته ، والشمس والقمر أبويه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إذْ قالَ يُوسُفُ لاَءَبِيهِ يا أبَتِ إنّي رأيْتُ أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبا } ، إخوته : أحد عشر كوكبا ، { والشمس والقمر } ، يعني بذلك : أبويه .

حدثني الحرث ، قال : ثني عبد العزيز ، قال : حدثنا شريك ، عن السديّ ، في قوله : { إنّي رأيْتُ أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبا والشّمْسَ والقَمَرَ . . . } ، الآية ، قال : رأى أبويه وإخوته سجودا له . فإذا قيل له : عمن ؟ قال : إن كان حقّا ، فإن ابن عباس فسره .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبا والشّمْسَ والقَمَرَ رأيْتُهُمْ لي ساجدِينَ } ، قال : الكواكب : إخوته ، والشمس والقمر : أبواه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { إنّي رأيْتُ أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبا } : إخوته ، { والشّمْسَ } : أمه ، { والقَمَرَ } : أبوه .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : قال سفيان : كان أبويه وإخوته .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك ، قوله : { إنّي رأيْتُ أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبا } ، هم : إخوة يوسف ، { والشّمْسَ والقَمَر } ، هما : أبواه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { يا أبَتِ إنّي رأيْتُ أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبا . . . . } ، الآية ، قال : أبواه وإخوته . قال : فنعاه إخوته وكانوا أنبياء ، فقالوا : ما رضي أن يسجد له إخوته حتى سجد له أبواه حين بلغهم .

ورُوى عن ابن عباس أنه قال : الكواكب إخوته ، والشمس والقمر : أبوه وخالته ، من وجه غير محمود ، فكرهت ذكره .