المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ} (3)

3- وبالله الذي خلق الصنفين الذكر والأنثى من كل ما يتوالد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ} (3)

{ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى } إن كانت " ما " موصولة ، كان إقسامًا بنفسه الكريمة الموصوفة ، بأنه{[1441]}  خالق الذكور والإناث ، وإن كانت مصدرية ، كان قسمًا بخلقه للذكر والأنثى ، وكمال حكمته في ذلك أن خلق من كل صنف من الحيوانات التي يريد بقاءها ذكرًا وأنثى ، ليبقى النوع ولا يضمحل ، وقاد كلا منهما إلى الآخر بسلسلة الشهوة ، وجعل كلًا منهما مناسبًا للآخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين .


[1441]:- في ب: بكونه.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ} (3)

وما خلق الذكر والأنثى والقادر الذي خلق صنفي الذكر والأنثى من كل نوع له توالد أو آدم وحواء وقيل ما مصدرية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ} (3)

وقوله تعالى : { وما خلق الذكر والأنثى } يحتمل أن تكون بمعنى الذي كما قالت العرب في سبحان ما سبح الرعد بحمده ، وقال أبو عمرو وأهل مكة يقولون للرعد سبحان ما سبحت له ، ويحتمل أن تكون { ما } مصدرية ، وهو مذهب الزجاج . وقرأ جمهور الصحابة «وما خلق الذكر » ، وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس وعبد الله بن مسعود وأبو الدرداء وسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم وعلقمة وأصحاب عبد الله : «والذكر والأنثى » وسقط عندهم { وما خلق }{[11856]} وذكر ثعلب أن من السلف من قرأ «وما خلق الذكرِ والأنثى » بخفض «الذكرِ » على البدل من { ما } على أن التقدير وما خلق الله وقراءة علي ومن ذكر تشهد لهذه ، وقال الحسن : المراد هنا ب { الذكر والأنثى } آدم وحواء ، وقال غيره عام


[11856]:أخرج سعيد بن منصور، وأحمد، وعبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر وابن مردويه، عن علقمة أنه قدم الشام فجلس إلى أبي الدرداء، فقال له أبو الدرداء: ممن أنت؟ قال: من أهل الكوفة، قال: كيف سمعت عبد الله يقرأ (والليل إذا يغشى)؟ قال علقمة: "والذكر والأنثى" قال أبو الدرداء: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هكذا، وهؤلاء يريدوني على أني أقرؤها: "وما خلق الذكر والأنثى" والله لا أتابعهم. هكذا ذكره في الدر المنثور. وقد جاء في كتاب الأحكام لابن العربي: "هذا مما لا يلتفت إليه بشر إنما المعول عليه ما في المصحف، فلا يجوز مخالفته لأحد، ثم بعد ذلك يقع النظر فيما يوافق خطه، مما لم يثبت ضبطه حسب ما بيناه في موضعه، فإن القرآن لا يثبت بنقل الواحد وإن كان عدلا، وإنما لم يثبت بالتواتر الذي يقع به العلم، وينقطع معه العذر، وتقوم به الحجة على الخلق"، ونقل القرطبي عن أبي بكر الأنباري أن هذا الحديث مردود بخلاف الإجماع له، وأن حمزة وعاصما يرويان عن عبد الله بن مسعود ما عليه جماعة المسلمين، والبناء على سندين يوافقان الإجماع أولى من الأخذ بواحد يخالفه الإجماع والأمة، وما يبنى على رواية واحد إذا حاذاه رواية جماعة تخالفه، أخذ برواية الجماعة، وأبطل نقل الواحد لما يجوز عليه من النسيان والإغفال، ولو صح الحديث عن أبي الدرداء ، وكان إسناده مقبولا معروفا، ثم كان أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسائر الصحابة رضي الله عنهم يخالفونه، لكان الحكم بما روته الجماعة، ورفض ما يحكيه الواحد المنفرد، الذي يسرع إليه النسيان ما لا يسرع إلى الجماعة".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ} (3)

و { ما } في قوله : { وما خلق الذكر والأنثى } مصدرية أقسم الله بأثر من آثار قدرته وهو خلق الزوجين وما يقتضيه من التناسل .

والذكر والأنثى : صنفا أنواع الحيوان . والمراد : خصوص خلق الإنسان وتكونه من ذكر وأنثى كما قال تعالى : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } [ الحجرات : 13 ] لأنه هو المخلوق الأرفع في عالم الماديات وهو الذي يدرك المخاطَبون أكثرَ دقائقه لتكرره على أنفسهم ذُكورهم وإناثهم بخلاف تكوّن نسل الحيوان فإن الإنسان يدرك بعض أحواله ولا يُحصي كثيراً منها .

والمعنى : وذلك الخلقِ العجيب من اختلاف حالي الذكورة والأنوثة مع خروجهما من أصل واحد ، وتوقف التناسل على تزاوجهما ، فالقسم بتعلق مِن تعلق صفات الأفعال الإلهية وهي قِسْم من الصفات لا يُختلف في ثبوته وإنما اختلَف علماء أصول الدين في عدّ صفات الأفعال من الصفات فهي موصوفة بالقدم عند الماتريدي ، أو جَعْلِها من تعلق صفة القدرة فهي حادثة عند الأشعري ، وهو آيل إلى الخلاف اللفظي .

وقد كان القسم في سورة الشمس بتسوية النفس ، أي خلق العقل والمعرفة في الإِنسان ، وأما القَسَم هنا فبِخلق جسد الإِنسان واختلاف صنفيه ، وجملة : { إن سعيكم لشتى } جوابُ القسم . والمقصود من التأكيد بالقسم قولُه : { وما يغني عنه مالُهُ إذا تردى } [ الليل : 11 ] .

والسَّعي حقيقته : المشي القوي الحثيث ، وهو مستعار هنا للعمل والكدّ .

وشتّى : جمع شتيت على وزن فَعْلَى مثل قَتِيل وقَتْلى ، مشتق من الشتِّ وهو التفرق الشديد يقال : شتَّ جمعُهم ، إذا تفرقوا ، وأريد به هنا التنوع والاختلاف في الأحوال كما في قول تأبط شرّاً :

قليل التشكي للملم يصيبه *** كثير الهوى شَتَّى النَّوى والمسالك

وهو استعارة أو كناية عن الأعمال المتخالفة لأن التفرق يلزمه الاختلاف .