قوله : { وَمَا خَلَقَ } . يجوز في «ما » أن تكون بمعنى «من » على ما تقدم في سورة «والشمس » .
قال الحسن : معناه ، والذي خلق فيكون قد أقسم بنفسه تعالى{[60327]} .
قال الزمخشري{[60328]} : «والقادر : العظيم القدرة الذي قدر على خلق الذكر والأنثى من ماء واحد » ، وقد تقدم هذا القول ، والاعتراض عليه ، والجواب عنه في السورة قبلها . وقرأ أبو الدرداء{[60329]} : «والذكر والأنثى » ، وقرأ عبد الله{[60330]} : «والذي خلق » وقرأ الكسائي ، ونقلها{[60331]} ثعلبة عن بعض السلف : { وَمَا خَلَقَ الذَّكَرِ } بجر الذكر .
قال الزمخشري{[60332]} : «على أنه بدل من محل ما خلق بمعنى وما خلقه الله ، أي : ومخلوق الله الذكر والأنثى ، وجاز إضمار اسم الله لأنه معلوم بالخلق ، إذ لا خالق سواه » .
وقيل : المعنى ، وما خلق من الذكر والأنثى ، فتكون «من » مضمرة ، ويكون القسم منه بأهل طاعته ، من أنبيائه وأوليائه ويكون قسمه بهم تكريماً لهم وتشريفاً .
قال أبو حيان{[60333]} : وقد يخرج على توهم المصدر ، أي : وخلق الذكر ؛ كقوله : [ المتقارب ]
5224- تَطُوفُ العُفَاةُ بأبْوابِهِ *** كمَا طَافَ بالبَيْعَةِ الرَّاهبِ{[60334]}
بجر «الراهب » على توهم النطق بالمصدر ، أي : كطوف الراهب انتهى .
والذي يظهر في تخريج البيت أن أصله : الراهبي - بياء النسب - ثم خفف ، وهو قليل ، كقولهم : أحمري ، وداودي ، وهذا التخريج بعينه في قول امرئ القيس : [ الطويل ]
5225- . . . *** فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحسهُ مُتغيِّبِ{[60335]}
لما استشهد به الكوفيون على تقديم الفاعل .
وروي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ : { والنهار إِذَا تجلى والذكر والأنثى } ويسقط { وَمَا خَلَقَ } .
وفي صحيح مسلم عن علقمة ، قال : قدمنا «الشام » ، فأتانا أبو الدرداء ، فقال : فيكم أحد يقرأ عليّ قراءة عبد الله ؟ فقلت : نعم ، أنا ، قال : فكيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية : { والليل إِذَا يغشى } ؟ قال : سمعته يقرأ «والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ، والذكر والأنثى » قال . وأنا والله هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ، ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ «ومَا خَلَقَ » فلا أتابعهم{[60336]} .
وقال ابن الأنباري : حدثنا محمد بن يحيى المروزي بسنده إلى عبد الله ، قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنِّي أنَا الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المتينُ » .
قال ابن الأنباري : حدثنا محمد بن يحيى المروزي بسنده إلى عبد الله ، قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أنا الرزاق ذو القوة المتين " {[60337]}
قال ابن الأنباري : كل من هذين الحديثين مردود بخلاف الإجماع له ، وإن حمزة وعاصماً يرويان عن عبد الله بن مسعود فيما عليه جماعة من المسلمين ، وموافقة الإجماع أولى من الأخذ بقول واحد يخالفه الإجماع .
قيل المراد بالذكر والأنثى ، آدم وحواء - عليهما الصلاة والسلام - قاله ابن عباس والحسن والكلبي{[60338]} .
وقيل : جميع الذكور والإناث من جميع الحيوانات .
وقيل : كل ذكر وأنثى من الآدميين فقط لاختصاصهم بولاية الله تعالى وطاعته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.