وقوله : { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ } أي : إذ عرض على سليمان في حال مملكته وسلطانه الخيل الصافنات .
قال مجاهد : وهي التي تقف على ثلاث وطرف حافر الرابعة ، والجياد : السراع . وكذا قال غير واحد من السلف .
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار حدثنا مُؤمَّل حدثنا سفيان عن أبيه سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي في قوله : { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ } قال : كانت عشرين فرسا ذات أجنحة . كذا رواه ابن جرير .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا ابن أبي زائدة أخبرني إسرائيل عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي قال : كانت الخيل التي شغلت سليمان ، عليه الصلاة والسلام عشرين ألف فرس ، فعقرها وهذا أشبه والله أعلم .
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب حدثني عُمَارة بن غَزيَّة : أن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك - أو خيبر - وفي سهوتها ستر فهبت الريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة - لُعَب - فقال : " ما هذا يا عائشة ؟ " قالت : بناتي . ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال : " ما هذا الذي أرى وسطهن ؟ " قالت : فرس . قال : " وما هذا الذي عليه ؟ " قالت : جناحان قال : " فرس له جناحان ؟ ! " قالت : أما سمعت أن لسليمان خيل لها أجنحة ؟ قالت : فضحك حتى رأيت نواجذه صلى الله عليه وسلم .
يتعلق { إذْ عُرِضَ } ب { أوَّابٌ } [ ص : 30 ] . وتعليق هذا الظرف ب { أوَّابٌ } تعليق تعليل لأن الظروف يراد منها التعليل كثيراً لظهور أن ليس المراد أنه أوّاب في هذه القصة فقط لأن صيغة أوّاب تقتضي المبالغة . والأصل منها الكثرة فتعين أن ذكر قصة من حوادث أوبته كان لأنها ينجَلي فيها عِظم أوبته . والعَرض : الإِمرار والإِحضار أمام الرائِي ، أي عرَض سُواس خيله إياها عليه .
والعَشيّ : من العصر إلى الغروب . وتقدم في قوله : { بالغداة والعشي } في سورة [ الأنعام : 52 ] . وذلك وقت افتقاد الخيل والماشية بعد رواحها من مراعيها ومراتعها . وذكر العشي هنا ليس لمجرد التوقيت بل ليبنى عليه قوله : { حتَّى توارتْ بالحجابِ ، } فليس ذكر العشيّ في وقع هذه الآية كوقعه في قول عمرو بن كلثوم :
ملوك من بني جشم بن بكر *** يساقون العشيةَ يُقتلونــا
و { الصافنات } : وصف لموصوف محذوف استغنى عن ذكره لدلالة الصفة عليه لأن الصافن لا يكون إلا من الخيل والأفراس وهو الذي يقف على ثلاث قوائم وطرف حافر القائمة الرابعة لا يمكّن القائمة الرابعة من الأرض ، وتلك من علامات خفته الدالة على كرم أصل الفرس وحسن خلاله ، يقال : صفن الفرس صُفوناً ، وأنشده ابن الأعربي والزجّاج في صفة فرس :
ألفَ الصُّفون فلا يزال كأنه *** مما يقوم على الثلاثِ كَسيرا
{ الجِياد } : جمع جواد بفتح الواو وهو الفرس ذو الجَودة ، أي النفاسة ، وكان سليمان مولَعاً بالإِكثار من الخيل والفرسان ، فكانت خيله تعد بالآلاف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.