سورة   ص
 
السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِذۡ عُرِضَ عَلَيۡهِ بِٱلۡعَشِيِّ ٱلصَّـٰفِنَٰتُ ٱلۡجِيَادُ} (31)

{ إذ } أي : اذكر إذ { عُرض عليه } أي : سليمان ، وقوله تعالى : { بالعشي } وهو ما بعد الزوال إلى الغروب ، وقوله تعالى : { الصافنات } أي : الخيل العربية الخالصة جمع صافنة وفيه خلاف بين أهل اللغة فقال الزجاج : هو الذي يقف على إحدى يديه ويقف على طرف سنبكه وقد يفعل ذلك بإحدى رجليه قال وهي علامة الفراهة فيه وأنشد :

ألف الصفون فلا يزال كأنه *** مما يقوم على الثلاث كسيرا

وقيل : هو الذي يجمع يديه ويسويهما ، وقيل : هو القائم مطلقاً أي : سواء كان من الخيل أم من غيرها قاله القتيبي واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم : «من سره أن تقوم الناس له صفوناً فليتبوأ مقعده من النار » أي : يديمون له القيام وجاء الحديث قمنا صفوناً أي : صافين أقدامنا ، وقيل : هو قيام الخيل مطلقاً ، أي : سواء وقف على طرف سنبكه أم لا ، قال الفراء : على هذا رأيت أشعار العرب ، واختلف أيضاً في قوله تعالى : { الجياد } فهي إما من الجودة ويقال : جاد الفرس يجود جودة وجودة بالفتح والضم فهو جواد للذكر والأنثى ، وهو الذي يجود في جريه بأعظم ما يقدر عليه ، والجمع جياد وأجواد وأجاويد ، وقيل : جمع لجود بالفتح كثياب وثوب ، وإما من الجيد وهو العنق ، والمعنى : طويلة الأجياد وهو دال على فراهتها .

قال الكلبي : غزا سليمان أهل دمشق ونصيبين فأصاب منهم ألف فرس ، وقال مقاتل : ورث سليمان من أبيه داود ألف فرس ، وقال عوف عن الحسن : بلغني أنها كانت خيلاً خرجت من البحر لها أجنحة ، وعن عكرمة : أنها كانت عشرين ألف فرس لها أجنحة فصلى سليمان الصلاة الأولى التي هي الظهر وقعد على كرسيه وهي تعرض عليه منها تسعمائة فرس فتنبه لصلاة العصر فإذا الشمس قد غربت وفاتته الصلاة ولم يعلم بذلك هيبة له فاغتم لذلك .