الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِذۡ عُرِضَ عَلَيۡهِ بِٱلۡعَشِيِّ ٱلصَّـٰفِنَٰتُ ٱلۡجِيَادُ} (31)

قوله : { إِذْ عُرِضَ } : في ناصبه أوجهٌ ، أحدها : نِعْم ، وهو أضعَفُها لأنه لا يَتَقَيَّدُ مَدْحُه بوقتٍ ، ولعدمِ تَصَرُّفِ نِعْمَ . والثاني : " أوَّاب " وفيه تقييدُ وَصْفِه بذلك بهذا الوقت . والثالث : اذكرْ مقدراً وهو أَسْلَمُها و " الصَّافِناتُ " جمعُ صافنٍ . وفيه خلافٌ بين أهلِ اللغةِ . فقال الزجَّاجُ : هو الذي يقفُ على إحدى يدَيْه ويَقِفُ على طَرَفِ سُنْبُكه ، وقد يفعل ذلك بإحدى رجلَيْه . قال : " وهي علامةُ الفَراهةِ فيه ، وأنشد :

3867 أَلِفَ الصُّفُوْنَ فما يَزال كأنَّه *** مِمَّا يقومُ على الثلاثِ كَسِيْرا

وقيل : هو الذي يَجْمَعُ يديه ويُسَوِّيهما . وأمَّا الذي يقفُ على سُنْبُكِه فاسمُه المُخِيْم قاله أبو عبيد . وقيل : هو القائمُ مطلقاً ، أي : سواءً كان من الخيل أم مِنْ غيرها قاله القُتبيُّ ، واستدلَّ بالحديث وهو قوله عليه السلام : " مَنْ سَرَّه أَنْ يقومَ الناسُ له صُفُوناً فَلْيتبوَّأْ مقعدَه من النار " أي : يُديمون له القيام . وحكاه قطرب أيضاً . وقيل : هو القيامُ مطلقاً سواءً وقفتَ على طَرَف سُنْبك أم لا . قال الفراء : " على هذا رأيْتُ أشعارَ العرب " . انتهى وقال النابغة :

لنا قُبَّةٌ مَضْروبة بفِنائها *** عِتاقُ المَهارى والجياد الصَّوافِنُ

والجِيادُ : إمَّا من الجَوْدَةِ يقال : جاد الفَرَسُ يجودُ جَوْدة وجُوْدة بالفتح والضم فهو جَوادٌ للذكر والأنثى ، والجمع : جِيادٌ وأَجْواد وأجاويد وقيل : جمع ل جَوْد بالفتح كثَوْب وثِياب . وقيل : جمع جَيِّد . وإما من الجِيْد وهو العُنُق والمعنى : طويلة الأجياد ، وهو دالٌّ على فَراهتِها .