اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِذۡ عُرِضَ عَلَيۡهِ بِٱلۡعَشِيِّ ٱلصَّـٰفِنَٰتُ ٱلۡجِيَادُ} (31)

قوله : { إِذْ عُرِضَ } في ناصبه أوجهٌ :

أحدها : «نِعْمَ » : وهو أضعفها ؛ لأنه لا يتقيد مدحه بوَقْتٍ ، ( و ) لِعدم تصرف «نِعْمَ » . قال ابن الخطيب : التقدير نعم العبد إذْ كَانَ من أعماله أنَّه فَعَلَ كَذَا .

الثاني : «أواب » وفيه تقييد وصفه بذلك بهذا الوقت .

والثالث : اذكر مقدّراً ، وهو أسلمها .

والعَشِيُّ من العصر إلى آخر النهار . والصَّافِنَاتُ جمع صَافن ، وفيه خلاف بين أهل اللغة فقال الزجاج : هو الذي يقف على إحدى يديه ويقف على طرف سنبكه ، وقد يفعل ذلك بإحدى رجليه ، قال وهي علامة الفراهة وأنشد :

أَلِفَ الصُّفُونَ فَلاَ يَزَالُ كَأَنَّهُ*** مِمّا يَقُومُ عَلَى الثُّلاثِ كَسِيرا

وقيل : هو الذي يجمع بين يديه ويسويهما ، وأما الذي يقف على سنبكه فاسمه المُخِيم ، قاله أبو عبيد .

وقيل : هو القائم مطلقاً أي سواء كان من الخيل ، أو من غيرها ، قاله القُتَبِيّ . واستدل ( بحديث ) وبقوله عليه الصلاة و السلام : «مَنْ سَرَّهُ أنْ يَقُومَ النَّاسُ لَهُ صُفُوناً فَلْيَتَبوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّار » أي يديمون له القيام . وحكاه قطرب أيضاً . وجاء في الحديث «قُمْنَا صُفُوناً » أي صافِّين أقدامَنا ، وقيل : هو القيام مطلقاً سواء وقفت على طرف سنبك أم لا ، قال الفراء : على هذا رأيت أشعارَ العرب ، وقال النابغة :

لَنَا قُبًّةٌ مَضْرُوبَةٌ بِفنَائِهَا***عِتَاقُ المَهَارَى والجِيَادُ الصَّوَافِنُ

والجياد إما من الجَوْدَة ، يقال : جَادَ الفرسُ يَجودُ جَوْدَةً وجُودَةً بالفتح والضم فهو جَوَاد ، للذكر والأنثى . والجمع جِيَادٌ وأجْوَادٌ ، وأَجاوِيدُ ، وقيل : جمع لِجَوْد بالفتح كثَوْبٍ وثِيَاب . وقيل : جمع جَيِّد . وإِما من الجِيدِ وهو العُنُق ، والمعنى : طويلة الأعناق الأجياد . وهو دال على فراهَتِها .