59- وأمر يوسف أن يُكرَّموا في ضيافته ، ويُدفع لهم من الميرة ما طلبوه فتم لهم ذلك ، وأخذ يُحدثهم ، ويسأل عن أحوالهم سؤال الجاهل بها ، وهو بها عليم ، فأخبروه أنهم تركوا أخا لهم حرص أبوهم ألا يفارقه ، وهو بنيامين شقيق يوسف ، فقال : ليحضر معكم أخوكم ، ولا تخافوا شيئاً ، فقد رأيتم إيفاء كيلكم وإكرامي لكم في نزولكم .
{ وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } أي : كال لهم كما كان يكيل لغيرهم ، وكان من تدبيره الحسن أنه لا يكيل لكل واحد أكثر من حمل بعير ، وكان قد سألهم عن حالهم ، فأخبروه أن لهم أخا عند أبيه ، وهو بنيامين .
ف { قَالَ } لهم : { ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ } ثم رغبهم في الإتيان به فقال : { أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ } في الضيافة والإكرام .
{ وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } أي : وَفَّاهم كيلهم ، وحمل لهم أحمالهم قال : ائتوني بأخيكم هذا الذي ذكرتم ، لأعلم صدقكم فيما ذكرتم ، { أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزلِينَ } يرغبهم في الرجوع إليه ، ثم رَهَّبَهم فقال : { فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ } أي : إن لم تقدموا به معكم في المرة الثانية ، فليس لكم عندي ميرة ، { وَلا تَقْرَبُونِ قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } أي : سنحرص على مجيئه إليك بكل ممكن ولا نبقي مجهودا لتعلم صدقنا فيما قلناه .
وذكر السدي : أنه أخذ منهم رهائن حتى يقدموا به معهم . وفي هذا نظر ؛ لأنه أحسن إليهم ورغبهم كثيرا ، وهذا لحرصه{[15223]} على رجوعهم .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَمّا جَهّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لّكُمْ مّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنّيَ أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ } .
يقول : ولما حمل يوسف لإخوته أباعِرَهُم من الطعام ، فأوقر لكل رجل منهم بعيره ، قال لهم : ائْتُونِي بأخٍ لَكُمْ مِنْ أبِيكُمْ كيما أحمل لكم بعيرا آخر فتزدادوا به حمل بعير آخر . ألا تَرَوْنَ أنّي أوفِي الكَيْلِ فلا أبخسه أحدا وأنا خَيْرُ المُنْزِلِينَ ، وأنا خير من أنزل ضيفا على نفسه من الناس بهذه البلدة ، فأنا أضيفكم . كما :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وأنا خَيْرُ المُنْزِلِينَ يوسف يقول : أنا خير من يضيف بمصر .
حدثني ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لما جهز يوسف فيمن جهز من الناس ، حمل لكلّ رجل منهم بعيرا بعدتهم ، ثم قال لهم : ائْتُونِي بأخٍ لَكُمْ مِنْ أبِيكُمْ أجعل لكم بعيرا آخر ، أو كما قال . ألا تَرَوْنَ أنّي أُوفِي الكَيْلَ : أي لا أبخس الناس شيئا ، وأنا خَيْرُ المُنْزِلِينَ : أي خير لكم من غيري ، فإنكم إن أتيتم به أكرمت منزلتكم وأحسنت إليكم ، وازددتم به بعيرا مع عدتكم ، فإني لا أعطي لكم كل رجل منكم إلا بعيرا . فإنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ لا تقربوا بلدي .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ائْتُونِي بأخٍ لَكُمْ مِنْ أبِيكُمْ يعني بنيامين ، وهو أخو يوسف لأبيه وأمه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.