وقوله : { فأمه هاوية } إخبار عنه بالشقاء وسوء الحال ، فالأم هنا يجوز أن تكون مستعملة في حقيقتها . وهاوية : هالكة ، والكلام تمثيل لحال من خفّت موازينه يومئذ بحال الهالك في الدنيا لأن العرب يكنون عن حال المرء بحال أمه في الخير والشر لشدة محبتها ابنها فهي أشد سروراً بسروره وأشد حزناً بما يحزنه . صلّى أعرابي وراءَ إمام فقرأ الإِمام : { واتخذ اللَّه إبراهيم خليلاً } [ النساء : 125 ] فقال الأعرابي : « لقد قَرَّت عينُ أمِّ إبراهيم » ومنه قول ابن زيابة حين تهدده الحارث بن همَّام الشيباني :
يا لهفَ زيّابة للحارث الصا *** بح فالغَانم فالآيب
ويقولون في الشر : هَوتْ أمه ، أي أصابه ما تَهلك به أمه ، وهذا كقولهم : ثكلته أمه ، في الدعاء ، ومنه ما يستعمل في التعجب وأصله الدعاء كقول كعب بن سعد الغَنوي في رثاء أخيه أبي المِغوار :
هَوَتْ أمُّه ما يَبعث الصبحُ غادياً *** وماذا يَرُدُّ الليلُ حينَ يؤوب
أي ماذا يبعث الصبحُ منه غادياً وما يردُّ الليلُ حينَ يؤوب غانماً ، وحذف منه في الموضعين اعتماداً على قرينة رفع الصبح والليل وذِكر : غادياً ويؤوب و ( مِن ) المقدَّرة تجريدية فالكلام على التجريد مثل : لقيت منه أسداً .
فاستعمل المركب الذي يقال عند حال الهلاك وسوء المصير في الحالة المشبهة بحال الهلاك ، ورمز إلى التشبيه بذلك المركب ، كما تضرب الأمثال السائرة .
ويجوز أن يكون « أمه » مستعاراً لمقره ومآله لأنه يأوي إليه كما يأوي الطفل إلى أمه .
و{ هاوية } المكان المنخفض بين الجبلين الذي إذا سقط فيه إنسان أو دابة هلك ، يقال : سقط في الهاوية .
وأريد بها جهنم ، وقيل : هي اسم لجهنم ، أي فمأواه جهنم .
ويجوز أن يكون « أمه » على حذف مضاف ، أي أم رأسه ، وهي أعلى الدماغ ، و { هاوية } ساقطة من قولهم سقط على أم رأسه ، أي هلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.