فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَأُمُّهُۥ هَاوِيَةٞ} (9)

" { فأمه هاوية } " أي فمسكنه جهنم ، وسماها أمه ؛ لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أمه ، والهاوية من أسماء جهنم ، وهي آخر الطبقات السبع ، وسميت هاوية ؛ لأنه يهوي فيها مع بعد قعرها ، والمهوى والمهواة ما بين الجبلين ، وتهاوى القوم في المهواة إذا سقط بعضهم في إثر بعض .

قال قتادة : يعني فمصيره إلى النار ، قال عكرمة : لأنه يهوي فيها على أم رأسه ، قال الأخفش : أمه مستقرة ، قال ابن عباس : هاوية كقوله هوت أمه ، وعن عكرمة قال : أم رأسه هاوية في جهنم .

قال الخطيب : أي نار نازلة سافلة جدا ، فهو بحيث لا يزال يهوي فيها نازلا ، فهو في عيشة ساخطة ، فالآية من الاحتباك : ذكر العيشة أولا دليلا على حذفها ثانيا ، وذكر الأم ثانيا دليلا على حذفها أولا .

وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " إذا مات المؤمن تلقته أرواح المؤمنين يسألونه ما فعل فلان ؟ ما فعلت فلانة ؟ فإذا كان مات ولم يأتهم قالوا : خولف به إلى أمه الهاوية ، فبئست الأم ، وبئست المربية " ، وأخرج ابن مردويه من حديث أبي أيوب الأنصاري نحوه ، وأخرج ابن مبارك من حديثه نحوه أيضا .

وبقي قسم ثالث غير مذكور في الآية ، وهو من استوت حسناته وسيئآته ، قال المناوي : من رجحت حسناته بسبب زيادتها على السيئات فهو في الجنة بغير حساب ، ومن استوت حسناته فيحاسب حسابا يسيرا ، ومن رجحت سيئاته على حسناته أي بسبب زيادتها فيشفع فيه ، أو يعذب .