المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (21)

21- يا أيها الذين آمنوا حصِّنوا أنفسكم بالإيمان ، ولا تسيروا وراء الشيطان الذي يجركم إلي إشاعة الفاحشة والمعاصي بينكم . ومن يتبع الشيطان فقد عصى ، لأنه يأمر بكبائر الذنوب وقبائح المعاصي ، ولولا فضل الله عليكم ورحمته بكم ببيان الأحكام وقبول توبة العصاة ما طهر أحد منكم من دنس العصيان . ولكن الله يطهر من يتجه إلي ذلك بتوفيقه للبعد عن المعصية ، أو مغفرتها له بالتوبة ، والله سميع لكل قول ، عليم بكل شيء ، ومجازيكم عليه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (21)

ولما نهى عن هذا الذنب بخصوصه ، نهى عن الذنوب عموما فقال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } أي : طرقه ووساوسه .

وخطوات الشيطان ، يدخل فيها سائر المعاصي المتعلقة بالقلب ، واللسان والبدن . ومن حكمته تعالى ، أن بين الحكم ، وهو : النهي عن اتباع خطوات الشيطان . والحكمة وهو بيان ما في المنهي عنه ، من الشر المقتضي ، والداعي لتركه فقال : { وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ } أي : الشيطان { يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ } أي : ما تستفحشه العقول والشرائع ، من الذنوب العظيمة ، مع ميل بعض النفوس إليه . { وَالْمُنْكَرِ } وهو ما تنكره العقول ولا تعرفه . فالمعاصي التي هي خطوات الشيطان ، لا تخرج عن ذلك ، فنهي الله عنها للعباد ، نعمة منه عليهم أن يشكروه ويذكروه ، لأن ذلك صيانة لهم عن التدنس بالرذائل والقبائح ، فمن إحسانه عليهم ، أن نهاهم عنها ، كما نهاهم عن أكل السموم القاتلة ونحوها ، { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا } أي : ما تطهر من اتباع خطوات الشيطان ، لأن الشيطان يسعى ، هو وجنده ، في الدعوة إليها وتحسينها ، والنفس ميالة إلى السوء أمارة به ، والنقص مستول على العبد من جميع جهاته ، والإيمان غير قوي ، فلو خلي وهذه الدواعي ، ما زكى أحد بالتطهر من الذنوب والسيئات والنماء بفعل الحسنات ، فإن الزكاء يتضمن الطهارة والنماء ، ولكن فضله ورحمته أوجبا أن يتزكى منكم من تزكى .

وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها " ولهذا قال : { وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ } من يعلم منه أن يزكى بالتزكية ، ولهذا قال : { وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (21)

فإذا تمثلوا أن ذلك الشر العظيم كان وشيكا أن يصيبهم جميعا ، لولا فضل الله ورحمته ، صور لهم عملهم بأنه اتباع لخطوات الشيطان . وما كان لهم أن يتبعوا خطوات عدوهم وعدو أبيهم من قديم . وحذرهم ما يقودهم الشيطان إليه من مثل هذا الشر المستطير :

يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ؛ ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر . ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ؛ ولكن الله يزكي من يشاء ، والله سميع عليم . .

وإنها لصورة مستنكرة أن يخطو الشيطان فيتبع المؤمنون خطاه ، وهم أجدر الناس أن ينفروا من الشيطان وأن يسلكوا طريقا غير طريقه المشؤوم ! صورة مستنكرة ينفر منها طبع المؤمن ، ويرتجف لها وجدانه ، ويقشعر لها خياله ! ورسم هذه الصورة ومواجهة المؤمنين بها يثير في نفوسهم اليقظة والحذر والحساسية :

( ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ) . . وحديث الإفك نموذج من هذا المنكر الذي قاد إليه المؤمنين الذين خاضوا فيه . وهو نموذج منفر شنيع .

وإن الإنسان لضعيف ، معرض للنزعات ، عرضة للتلوث . إلا أن يدركه فضل الله ورحمته . حين يتجه إلى الله ، ويسير على نهجه .

ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا . ولكن الله يزكي من يشاء . .

فنور الله الذي يشرق في القلب يطهره ويزكيه . ولولا فضل الله ورحمته لم يزك من أحد ولم يتطهر . والله يسمع ويعلم ، فيزكي من يستحق التزكية ، ويطهر من يعلم فيه الخير والاستعداد ( والله سميع عليم ) . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (21)

هذا الخطاب عام لجميع المؤمنين ، و { خطوات } جمع خطوة وهي ما بين القدمين في المشي فكأن المعنى لا تمشوا في سبله وطرقه من الأفعال الخبيثة ، وقال منذر بن سعيد يجوز أَن يكون { خطوات } جمع خطأ من الخبيثة ، وسهلت الهمزة فنطق بها { خطوات } وقرأ بضم الطاء من «خُطوات » الجمهور ، وقرأ بسكونها عاصم{[8644]} والأعمش ، وقرأ الجمهور «ما زكى » ، بتخفيف الكاف أَي ما اهتدى ولا أسلم ولا عرف رشداً ، وقرأ أبو حيوة والحسن «زكّى » بشد الكاف أي تزكيته لكم وتطهيره وهدايته إنما هي بفضله لا بأعمالهم وتحرزكم من المعاصي ، ثم ذكر تعالى أنه { يزكي من يشاء } ممن سبقت له السعادة وكان عمله الصالح أمارة على سبق السعادة له ، ثم أخبر بأنه { سميع } لجميع أقوالهم وكلامهم من قذف وغيره ، { عليم } بحق ذلك من باطله لا يجوز عليه في ذلك وهم ولا غلط .


[8644]:في رواية أبي بكر عنه، أما رواية حفص فهي بضم الطاء كما هي ثابتة في المصحف الشريف.