البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (21)

تقدم الكلام على { خطوات الشيطان } تفسيراً وقراءة في البقرة .

والضمير في { فإنه } عائد على { من } الشرطية ، أي فإن متبع خطوات الشيطان { يأمر بالفحشاء } وهو ما أفرط قبحه { والمنكر } وهو ما تنكره العقول السليمة أي يصير رأساً في الضلال بحيث يكون آمراً يطيعه أصحابه .

{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته } بالتوبة الممحصة ما طهر أحد منكم .

وقرأ الجمهور { ما زكى } بتخفيف الكاف ، وأمال حمزة والكسائي وأبو حيوة والحسن والأعمش وأبو جعفر في رواية وروح بتشديدها ، وأماله الأعمش وكبت { زكي } المخفف بالياء وهو من ذوات الواو على سبيل الشذوذ لأنه قد يمال ، أو على قراءة من شد الكاف .

{ ولكن الله يزكي من يشاء } ممن سبقت له السعادة ، وكان عمله الصالح أمارة على سبقها أو من يشاء بقبول التوبة النصوح { والله سميع } لأقوالهم { عليم } بضمائرهم .

{ ولا يأتل } هو مضارع ائتلى افتعل من الألية وهي الحلف .

وقيل : معناه يقصر من افتعل ألوت قصرت ومنه { لا يألونكم } وقول الشاعر :

وما المرء ما دامت حشاشة نفسه *** بمدرك أطراف الخطوب ولا آل

وهذا قول أبي عبيدة ، واختاره أبو مسلم .

وسبب نزولها المشهور أنه حلف أبي بكر على مسطح أن لا ينفق عليه ولا ينفعه بنافعة .

وقال ابن عياش والضحاك : قطع جماعة من المؤمنين منافعهم عمن قال في الإفك ، وقالوا : لا نصل من تكلم فيه فنزلت في جميعهم .

والآية تتناول من هو بهذا الوصف .