تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (21)

الآية 21 : وقوله تعالى ]يأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر[ نهى المؤمنين أن يتبعوا خطوات الشيطان ، ولم يبين ما خطوات الشيطان ؟ لكنه قال : ]ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر[ فجوابه أن يقول : فإن خطواته كذا . ولم يقل أيضا : ]ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه[ يفعل الفاحشة ، ولكنه قال : ]فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر( . لكن جوابه ما قال في آية أخرى . وما قال في آية أخرى : ]يأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين[ ( إنما يأمركم بالسوء والفحشاء[ الآية ( البقرة : 168 و 169 ) أخبر ( أن من اتبعه ){[13801]} أمر بالفحشاء والمنكر . ثم{[13802]} خطوات من الخطوة ، والخطوة ؛ وهما من رفع القدم ووضعه .

وأصله نهي عن اتباع آثاره .

وقوله تعالى : ]ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء[ التزكية تحتمل التوفيق والعصمة ( أو ){[13803]} يزكون بما أعطى لهم من التوفيق و العصمة ، أو يزكون بما أرسل إليهم من الكتب والرسل ( لكن التوفيق ){[13804]} والعصمة أشبه .

وفيه نقض قول المعتزلة لأنه أخبر من زكا فإنما يزكو بفضله ورحمته ، وهم يقولون : لو فعل بهم غير الذي فعل كان جائزا عندهم . فعلى قولهم : ليس بمفضل ، ولكنه{[13805]} عادل لأنه فعل ما عليه أن يفعل .

فعلى قولهم : لا يكون مفضلا ، ولكن عادلا ؛ إذ لم يسم في الشاهد من فعل ما عليه أن يفعل مفضلا . وعلى قولهم : إنه قد أعطى كلا ما به ( يزكو ، ويصلح ){[13806]} لكنهم لم يزكوا هم ( باختيارهم ){[13807]} فعلى قولهم : لم يزك من زكا به ، ولكنه إنما زكا بما أعطاه له . فقد أخبر أن من زكا فإنما زكا به ، وأنه قد أبقى عنده ما لو أعطاهم ذلك لزكوا . وقد أعطى ذلك من زكا ، وصلح ، ولم يعط من لم يزك . فذلك قوله : ]ولكن الله يزكي من يشاء[ والله الموفق .

وقوله تعالى : [ و الله سميع عليم ] أي سميع لأقوالهم وعليم بأفعالهم . وأصله ما ذكر : [ يعلم ما يسرون وما يعلون ]( البقرة : 77و . . ) .


[13801]:ساقطة من الأصل وم.
[13802]:من م، ساقطة من الأصل.
[13803]:من م، ساقطة من الأصل.
[13804]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[13805]:في الأصل وم: ولكن.
[13806]:في الأصل وم: يزكون ويصلحون.
[13807]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.